اللمعات | اللمعة العاشرة | 80
(69-84)

كان يحضر الدرس في أغلب الاوقات وينصت بكل أهتمام وشوق، ويستنسخ الرسائل لنفسه أيضاً، حتى استكتب لنفسه جميع (الكلمات والمكتوبات) لقاء أجرة قدرها ثلاثون ليرة. كان يقصد من وراء هذا الاستنساخ نشر الرسائل في مدينته، وارشاد اصدقائه، وبعد ذلك فتر عن العمل ولم يقم بنشر الرسائل كما هو دأبه، وذلك بسبب ما ساوره من الهواجس، فحجب نور هذه الرسائل عن الانظار فأصابته على حين غرة حادثة أليمة جداً، تجرّع من جرائها العذاب غصصاً مدة سنة كاملة، فوجد أمامه عدداً غفيراً من أعداء ظالمين بدلاً من عداوة بضعة موظفين لقيامه بنشر الرسائل، ففقد أصدقاء أعزاء عليه.
الثالث عشر: هو (الحافظ خالد)(1) وسيذكر لكم الحادثة بنفسه:
عندما كنت أعمل بشوق وحماسة في كتابة مسودات رسائل النور، كانت هناك وظيفة شاغرة، وهي أمامة المسجد في محلتنا. ورغبة مني – رغبة شديدة – لألبس جبتي العلمية القديمة وعمامتها فترتُ مؤقتاً عن العمل وضعفتْ همتي وشوقي في خدمة القرآن فانسحبتُ من ساحة العمل القرآني جهلاً مني، فاذا بي أتلقى لطمة ذات رأفة بخلاف ما كنت أقصده. اذ رغم الوعود الكثيرة التي قطعها المفتي على نفسه بتعييني، ورغم أني كنت قد توليت هذه الوظيفة لما يقرب من تسعة اشهر سابقاً الا انني حُرمت من لبس الجبة والعمامة، فأيقنت أن هذه اللطمة انما هي من ذلك التقصير في العمل للقرآن. اذ كان الاستاذ يخاطبني بالذات في الدرس فضلاً عن قيامي بكتابة المسودة، فانسحابي من العمل، ولاسيما من كتابة المسودة، اوقعهم في حرج وضيق.. وعلى كل حال فالشكر لله وحده الذي جعلنا نفهم فداحة

------------------

(1) الحافظ خالد: هو خالد عمر لطفي افندي. من اوائل طلاب النور وكتاب الرسائل. ولد سنة 1891 في بارلا توفي سنة 1946 في استانبول – رحمه الله -. اشتغل في التعليم ثم تركه واصبح اماماً في احد مساجد بارلا، ارسل له الاستاذ رسالة عزى فيها طفله (انور) الذي توفي سنة 1930 اثر اصابته بمرض السعال الديكي عن عمر يناهز الثامنة ودخلت هذه الرسالة ضمن المكتوبات – المكتوب السابع عشر. – المترجم.

لايوجد صوت