اللمعات | اللمعة الحادية عشرة | 99
(85-104)

معينة، ولاسيما ما في قلبه من حب تجاه حياته وبقائه، وتجاه وجوده ودنياه، وتجاه نفسه والموجودات بأسرها، انما هي ترشحات من تلك الاستعدادات للمحبة الإلهية. بل حتى اشكال الاحساسات العميقة – عند الانسان – ما هي الا تحولات لذلك الاستعداد، وما هي الارشحاته التي اتخذت اشكالا مختلفة.
ومن المعلوم ان الانسان مثلما يتلذذ بسعادته الذاتية، فهو يتلذذ ايضاً بسعادة الذين يرتبط بهم بعلاقة ومحبة ومثلما يحب من ينقذه من البلاء، فهو يحب من ينجي محبيه من المصائب ايضاً.
وهكذا، فاذا ما فكر الانسان وروحه مفعمة بالامتنان لله، في احسان واحد فقط مما لا يعد ولا يحصى من الاحسانات العظيمة التي قد غمر بها الله سبحانه وتعالى الانسان وشمله بها، فانه سيفكر على النحو الآتي:
ان خالقي الذي انقذني من ظلمات العدم الابدية، ومنحني منحة الخلق والوجود، ووهب لي دنيا جميلة استمتع بجمالها هنا على هذه الارض، فان عنايته ايضاً ستمتد اليّ حين يحين اجلي، فينقذني كذلك من ظلمات العدم الابدي والفناء السرمدي، وسيهب لي – من فضل احسانه – عالماً ابدياً باهرا زاهرا في عالم البقاء في الآخرة.. وسينعم عليّ سبحانه بحواس ومشاعر ظاهرة وباطنة لتستمتع وتتلذذ في تنقلها بين انواع ملذات ذلك العالم الجميل الطاهر.
كما انه سبحانه سيجعل جميع الاقارب، وجميع الاحبة من بني جنسي الذين اكن لهم حباً عميقاً وارتبط معهم بعلاقة وثيقة، سيجعلهم اهلا لهذه الآلاء والاحسانات غير المحدودة.. وهذا الاحسان – من جهة – يعود عليّ كذلك، اذ انني اتلذذ بسعادة اولئك، واسعد بها.. فما دام في كل فرد حب عميق وافتتان بالاحسان كما في المثل: (الانسان عبد الاحسان) فلابد ان الانسان امام هذا الاحسان الابدي غير المحدود سيقول:

لايوجد صوت