اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 123
(119-150)

كل مَن له علاقة بها، لذا سيهدده الملك السفينة تهديداتٍ عنيفة، باسم جميع رعاياه في السفينة وجميع المتضررين فيها، وسيعاقب أشد العقاب حتماً، لا لحركته الجزئية أو تركه الواجب، وانما للنتائج المترتبة على تلك الحركة أو الترك البسيط، وليس لتجاوزه حمى الملك، وانما لتعدّيه على حقوق الرعية جميعها.
وكذلك سفينة الارض، ففيها مع المؤمنين اهل الضلال من حزب الشيطان الذين يستخفّون بنتائج الوظائف الحكيمة الموجودات الرائعة بل يعادونها عبثاً وباطلاً، فيحقرون بذلك جميعها، مما تشكل خطيئاتهم ومعاصيهم – الجزئية في الظاهر – تجاوزاً واضحاً وتعدّياً صارخاً على حقوق الموجودات كافةً، لذا فان الله سبحانه وهو ملك الأزل والابد يحشّد التهديدات المروّعة ضد ذلك التدمير الصادر من أهل الضلالة. وهذا هو الانسجام التام في اسلوب القرآن الكريم والتوافق الرائع، وهو الحكمة البالغة الخالصة المستترة في روع البلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهي بعيدة كل البعد ومنزّهو كل التنزيه عن المبالغة التي هي الاسراف في الكلام.
فيا هلاك ويا ضياع مَن لا يحصّن نفسه بحصن منيع من اولئك الاعداء الألداء الذين يقومون بتخريب مروّع وتدمير هائل بحركاتهم الجزئية.
فيا اهل الإيمان! أمامكم الحصن السماوي المنيع.. انه القرآن الكريم.. أدخلوا فيه، وانقذوا انفسكم..
الاشارة الرابعة:
لقد اتفق العلماء المحققون وأهل الكشف على أن العدم شرٌ محض.. والوجود خيرٌ محض.
نعم، ان الخير والمحاسن والكمالات – بأكثريتها المطلقة – تستند الى الوجود وتعود اليه، فأساسها ايجابي ووجودي، أي ذو اصالة وفاعلية، وإن بَدَت ظاهراً سلبية وعدمية.

لايوجد صوت