الحضيض كلياً – كما تصّورت – فشكرتُ الله سبحانه الذي أنقذني من تلك الورطة.
ذلك لأن الشيطان – كما قلنا سابقاً – بأمر سلبي جزئي منه يورد الانسان المهالك الخطيرة .. وأن النفس التي بين جَنبيّ الانسان دائمة الانصات الى الشيطان.. وان قوته الشهوانية والغضبية هما بمثابة جهاز لاقط وجهاز توصيل لمكايد الشيطان. ولذلك فقد خصص الله سبحانه وتعالى اسمين من اسمائه الحسنى (الغفور، الرحيم) ليتجليا بالتجليّ الاعظم ويتوجها الى اهل الإيمان، واوضح في القرآن الكريم ان أعظم اِحسانٍ له للأنبياء عليهم السلام هو: المغفرة.. فدعاهم الى: الاستغفار. وانه سبحانه بتكراره (بسم الله الرحمن الرحيم) وجعلها بدءاً لكل سورة ولكل أمرٍ ولكل ذي بال، جعل رحمته التي وسعت كل شيء هي الملاذ والملجأ لأهل الإيمان، وهي الامان والنجاة لهم من الشيطان. وجعل الحاجز المانع لهم من الشيطان ودسائسه هو في: (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وذلك بأمره: ﴿فاستَعِذْ بالله﴾(النحل:98).
الاشارة السادسة:
ان اخطر دسائس الشيطان هو أنه يُلبس على بعض ذوي القلوب الصافية والحس المرهف: تخيلَ الكفر بتصديق الكفر، ويُظهر لهم تصوّرَ الضلالة تصديقاً للضلالة نفسها، ويجلب الى خيالهم خواطر قبيحة في حق الاشخاص والامور المنزّهة المقدسة، ويوهمهم بالشك في بعض يقينيات الإيمان بجعل الامكان الذاتي في صورة الامكان العقلي. وعندئذ يظنّ هذا المسكين المرهف الحسّ أنه قد هوى في الكفر والضلالة، ويتوهم أنه قد زال يقينه الإيماني، فيقع في اليأس والقنوط. ويكون بيأسه هذا اضحوكة للشيطان الذي ينفث في يأسه القاتل، ويضرب دوماً على وتره الحسّاس، وينفخ في التباساته ويثيرها، فاما أن يخلّ بأعصابه وعقله، أو يدفعه الى هاوية الضلالة.
وقد بحثنا في بعض الرسائل مدى تفاهة هذه الهمزات والوساوس، وكيف أنها لاسند لها و لا اساس، أما هنا فسنجملها بما يأتي: