اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 127
(119-150)

كما ان صورة الحيّة في المرآة لا تلدغ، وانعكاس النار فيها لا يحرق، وظل النجس فيها لا ينجس، كذلك ما ينعكس على مرآة الخيال او الفكر من صورِ الكفر والشرك، وظلال الضلالة، وخيالات الكلمات النابية والشتم، لا تفسد العقيدة واليقين ولا تغير الإيمان، ولا تثلم أدب التوقير والاحترام. ذلك لانه من القواعد المقررة: (تخيل الشتم ليس شتماً، وتخيل الكفر ليس كفراً، وتصوّرَ الضلالة ليس ضلالةً).
أما مسألة الشك في الإيمان، فان الاحتمالات الناشئة من (الامكان الذاتي) لا ينافي اليقين ولا يخلّ به. اذ من القواعد المقررة في علم اصول الدين: (أن الامكان الذاتي لا ينافي اليقين العلمي).
فمثلاً: نحن على يقين من أن بحيرة (بارلا) مملوة بالماء ومستقرةٌ في مكانها، الاّ انه يمكن أن تخسف في هذه اللحظة. فهذا امكان ذاتي واحتمال، وهو من الممكنات. ولكن لأنه لم ينشأ من أمارة، او دليل، فلا يكون (امكاناً ذهنياً) حتى يوجب الشك. لأن القاعدة المقررة في علم اصول الدين أنه: (لاعبرة للاحتمال غير الناشىء عن دليل) بمعنى: لا يكون الاحتمال الذاتي الذي لم ينشأ عن أمارة امكاناً ذهنياً، فلا أهمية له كي يوجب الشك. فبمثل هذه الامكانات والاحتمالات الذاتية يظن المسكين المبتلى انه قد فقد يقينَه بالحقائق الإيمانية. فيخطر بباله مثلاً خواطر كثيرة من الامكان الذاتي من جهة بشرية الرسول y، ولاشك أنها لا تخلّ بيقينه وجزمه الإيماني، ولكن ظنه أن هذا يضرّ هو الذي يسبب له الضرر.
واحياناً اخرى تُلقي لمةُ الشيطان – التي هي على القلب – كلاماً لا يليق بجلال الله سبحانه وتعالى. فيظن صاحبه أن قلبه هو الذي فَسَد فصدر عنه هذا الكلام، فيضطرب ويتألم. والحال أن اضطرابه وخوفه وعدم رضاه دليلٌ على أن تلك الكلمات لم تكن صادرةً من

لايوجد صوت