اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 130
(119-150)

فجوابه:
اولاً: لقد اوضحت الاشارات السابقة أخطاءهم بصورة قاطعة فلا حاجة للاعادة.
ثانياً: إن النفس الانسانية تُفضل درهماً من اللذة الحاضرة المعجلة على رطل من اللذة الغائبة المؤجلة، وهي تتحاشى صفعةً حاضرة اكثر من تحاشيها سنة من عذاب في المستقبل. وعندما تهيج أحاسيسُ الانسان لا ترضخ لموازين العقل، بل الهوى هو الذي يتحكم، فيرجح عندئذ لذةً حاضرةً ضئيلة جداً على ثواب عظيم في العقبى، ويتجنب ضيقاً جزئياً حاضراً اكثر من تجنبه عذاباً أليماً مؤجلاً. ولما كانت الدوافع النفسانية لا ترى المستقبل بل قد تنكره، وان كان هناك حثاً لها من النفس وعوناً، فان القلب والعقل اللذين هما محل الإيمان، يسكتان، فيُغلبان على أمرهما. فلا يكون عندئذ ارتكاب الكبائر ناتجاً من عدم الإيمان، بل من غلبة الهوى وسيطرة الوهم والحسّ المادي، وانهزام العقل والقلب وغَلَبة كل اولئك عليهما.
ولقد فُهم من الاشارات السابقة بأن طريق الفساد والهوى سهلة جداً لأنها تخريب وهدم، لذا يسوق شيطانُ الانس والجن الانسانَ اليها بكل سهوله ويسر.
وانه لمحيّر جداً أن ترى قسماً من الناس الضعفاء يتبعون خطوات الشيطان لتفضيلهم لذّة زائلة – بمقدار جناح بعوضة – في هذه الدنيا الفانية، على لذائذ ذلك النعيم الخالد. في حين يفوق نورٌ أبدي بمقدار جناح بعوضة من ذلك العالم السرمدي الخالد جميع اللذات والنِعّم التي اكتسبها الانسان طوال حياته، كما هو ثابت في الحديث الشريف(1).
-------------

(1) اشارة الى الحديث الشريف: (لو وزنت الدنيا عند الله جناح بعوضة، ما شرب الكافر منها جرعة ماء). حديث صحيح: رواه الترمذي 2422 (تحفة) وقال: حديث صحيح غريب من هذا الوجه. والضياء في المختار عن سهل بن سعد (انظر صحيح الجامع الصغير 5168 قال المحقق: صحيح وفصل عليه القول في الصحيحة 943).

لايوجد صوت