اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 129
(119-150)

الكبائر دون أن يبالي لغضب الخالق العظيم، ولا لعذاب جهنم الأبدي، لابد أن يكون ذلك دليل عدم أيمانه.
جواب الشق الاول من السؤال: هو ما أوضحناه في (رسالة القدر) وهو
ان خلق الشرّ ليس شرّاً، وانما كسبُ الشرّ شرٌ، لأن الخلق والايجاد يُنظر اليه من حيث النتائج العامة. فوجود شرٍ واحد، اِن كان مقدمةً لنتائج خيّرة كثيرة، فان ايجاده يصبح خيراً باعتبار نتائجه، أي يدخل في حكم الخير.
فمثلاً: النار لها فوائد ومنافع كثيرة جداً، فلا يحق لأحد أن يقول: ان ايجاد النار شرّ اذا ما أساء استعمالها باختياره وجعلها شّراً ووبالاً على نفسه.
وكذلك خلقُ الشياطين وايجادهم فيه نتائج كثيرة ذات حكمة للانسان، كسموّه في سلم الكمال والرقي. فلا يسيغ لمن استسلم للشيطان – باختياره وكسبه الخاطىء – ان يقول: ان خلق الشيطان شرٌ. اذ قد عمل الشر لنفسه بكسبه الذاتي.
أما الكسب الذي هو مباشرةٌ جزئيةٌ للامر، فانه يصبح شراً لأنه وسيلةٌ تُفضي الى شرّ خاصٍ معين، فيكون كسبُ الشرّ بذلك شّراً، بينما لا يكون الايجاد شراً، بل يكون خيراً، لأنه يرتبط بجميع النتائج المترتبة فلا يكون اذن خلق الشرّ شّراً.
وهكذا ولعدم ادراك المعتزلة هذا السرّ ضلوا، اِذ قالوا: إن خلق الشر شرٌ وايجاد القُبح قبح. فلم يردّوا الشر الى الله سبحانه وتعالى تقديساً وتنزيهاً له، وتأولوا الركن الإيماني: (وبالقدر خيره وشرّه من الله تعالى).
أما الشق الثاني: وهو كيف يبقى مؤمناً من ارتكب الكبائر؟

لايوجد صوت