اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 205
(193-236)

ان غاية حياتك هذه ونتيجتها هي أن تكون مظهراً لتجليات اسماء ذلك المالك، ومعكساً لشؤونه الحكيمة.. واذا ما اصابتك مصيبةٌ فقل: ﴿إنا لله وإنا اليهِ رَاجعُون﴾(البقرة:156). أي أنا طوعُ أمر مولاي، فان كنت قادمةً ايتها المصيبة باذنه وباسمه، فأهلاً ومرحباً بكِ، فنحن لا محالة راجعونَ اليه لا مناص من ذلك. وسنحظى بالمثول بين يديه، فنحن حقاً مشتاقون اليه.. فما دام سيُعتقنا يوماً من تكاليف الحياة فليكن ذلك على يديك ايتها المصيبة.. انا مستسلم راضٍ. ولكن إن كان الامر والارادة قد صدر اليك منه سبحانه لأجل الابتلاء والاختبار لمدى محافظتي على الامانة ولمدى قيامي بواجباتي، فلا أسلم ما استطعت امانة مالكي لأيدٍ غير أمينة. ولا استسلم لغير أمره ورضاه سبحانه.
فدونك مثالاً واحداً من بين الالوف منه على معرفة قيمة ما تلقنه دهاءُ الفلسفة، ومرتبة ما يرشده هدي القرآن من دروس.
نعم ان الوضع الحقيقي لكلا الطرفين هو على هذا المنوال، بيد أن درجات الناس متفاوتةٌ في الهداية والضلالة ومراتب الغفلة مختلفة متباينة، فلا يشعر كلُّ واحد بهذه الحقيقة في كل مرتبة، إذ الغفلة تُبطل الحس والشعور وتخدّرهما، وقد أبطلتْ في هذا الزمان الحسَ والشعورَ الى حدٍ لم يَعُد يَشعر بألم ومرارة هذا العذاب الاليم اولئك السائرون في ركاب المدنية الحاضرة. ولكن ستار الغفلة يتمزق بتزايد الاحساس العلمي، علاوةً على نذير الموت يعرض جنازة ثلاثين ألف شخص يومياً.
فيا اسفى! وياويل من ضلّ بطواغيت الاجانب وعلومهم المادية الطبيعية، ويا خسارةَ اولئك الذين يقلدونهم تقليداً اعمى، ويتبعونهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع.
فيا ابناء هذا الوطن! لا تحاولوا تقليد الافرنج! وهل بعد كل ما رأيتم من ظلم اوروبا الشنيع وعداوتهم اللدودة، تتبعونهم في سفاهتهم، وتسيرون في ركاب أفكارهم الباطلة؟ وتلتحقون بصفوفهم، وتنضمون تحت لوائهم بلا شعور؟ فانتم بهذا تحكمون على انفسكم، وعلى

لايوجد صوت