اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 229
(193-236)

الجماعة، كما هو ظلم بين بحق الاستاذ او الرئيس نفسه، لأن ذلك يداعب أنانيته المستترة فيه ويسوقه الى الغرور. فبينما هو حارسٌ بوابٌ للجماعة، إذ به يتزيا يزيّ السلطان ويُوهم الاخرين بزيه، فيظلم نفسه. بل ربما يفتح له هذا طريقاً الى نوع من شرك خفي. نعم، انه لا يحق ان يأخذ آمرُ طابورٍ الغنائم التي حصل عليها الجنود من فتحهم قلعةً حصينة، ولا يمكنه أن يُسند إنتصارهم الى نفسه.
لأجل هذا يجب الاّ يُنظر الى الاستاذ او المرشد على انه المنبع او المصدر بل ينبغي اعتباره والنظر اليه على انه مَعكَس ومظهرٌ فحسب. كالمرآة التي تعكس اليك حرارة الشمس وضوءها، فمن البلاهة ان تتلقى المرآة كأنها مصدرٌ لهما فتنسى الشمس نفسها، ومن ثم تُولى اهتمامك ورضاك الى المرآة بدلاً عن الشمس!.
نعم، انه لابد من الحفاظ على المرآة لانها مَظهرٌ يظهر تلك الصفات. فروح المرشد وقلبه مرآةٌ، تصبح مَعكَساً للفيوضات الربانية التي يفيضها الحق سبحانه عليها، فيصبح المرشد وسيلة لانعكاس تلك الفيوضات الى مريده.
لذا يجب الاّ يُسند اليه مقام اكثر من مقام الوسيلة – منِ حيث الفيوضات – بل يحتمل الاّ يكون ذلك الاستاذ الذي ينظر اليه كأنه مصدر مظهراً ولا مصدراً. وانما يرى مريده ما أخذه من فيوضات – في طريق آخر – يراها في مرآة روح شيخه، وذلك لما يحمل من صفاء الاخلاص نحوه وشدة العلاقة به ودنو صلته به وحصر نظره فيه. مَثَله في هذا كمثل المنوّم مغناطيسياً إذ ينفتح في خياله نافذةً الى عالم المثال بعد إمعانه النظر في المرآة، فيشاهد فيها مناظر غريبة عجيبة، علماً ان تلك المناظر ليست في المرآة وانما فيما وراء المرآة مما يتراءى له من نافذة خيالية التي انفتحت نتيجة إمعان النظر في المرآة.
لهذا يمكن ان يكون مريدٌ مخلصٌ لشيخ غير كامل أكمل من شيخه، فينبرى الى ارشاد شيخه، ويصبح شيخاً لشيخه.

لايوجد صوت