اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 232
(193-236)

اثقالاً هائلة. فتلك اللطيفة لا تتحمل ثقلاً كالشعرة الدقيقة، أي لا تتحمل حالة هينة جداً نشأت من الضلالة ونجمت من الغفلة. بل قد تنظفىء جذوتها وتموت.
فاحذر! وخفف الوطء، وخِفْ من الغَرق، فيغرق معك ألطف لطائفك التي تبتلع الدنيا في أكلة، او كلمة، او لمعةَ، او شارة، او بقلة، او قبلة. فهناك اشياء صغيرة جداً تتمكن – في جهة – ان تستوعب ما هو ضخم جداً. فانظر ان شئت كيف تغرق السماء بنجومها في مرآة صغيرة، وكيف كتب الحق سبحانه في خردلة حافظتك اكثر ما في صحيفة اعمالك واغلب ما في صحائف اعمارك. فسبحانه من قادر قيوم!.

الرمز الرابع:
يا عابد الدنيا! ان دنياك التي تتصورها واسعةً فسيحةً ما هي الاّ كالقبر الضيق، ولكن جدرانه من مرآةٍ تتعاكس فيها الصور، فتراه فسيحاً رحباً واسعاً مدّ البصر، فينما منزلك هذا هو كالقبر تراه كالمدينة الشاسعة، ذلك لأن الجدار الأيمن والايسر لتلك الدنيا واللذين يمثلان الماضي والمستقبل – رغم انهما معدومان وغير موجودين – فانهما كالمرآة تعكسان الصور في بعضهما البعض الآخر فتوسّعان وتبسطان اجنحة زمان الحال الحاضرة الذي هو قصيرة جداً وضيق جداً. فتختلط الحقيقة بالخيال، فترى الدنيا المعدومة موجودةً. فكما ان خطاً مستقيماً وهو في حقيقته رفيعٌ جداً، إذا ما تحرك بسرعة يظهر واسعاً كأنه سطح كبير، كذلك دنياك انت، هي في حقيقتها ضيقة جداً، جدرانها قد توسعت ومدّت بغفلتك وتوهم خيالك، حتى اذا ما تحرك رأسك من جراء مصيبة اصابتك، تراه يصدم ذلك الجدار الذي كنت تتصوره بعيداً جداً. فيطير ما تحمله من خيال، ويطرد نومك. وعندئذ تجد دنياك الواسعة أضيقَ من القبر، وترى زمانك وعمرك يمضي اسرع من البرق، وتنظر الى حياتك تراها تسيل اسرع من النهر.

لايوجد صوت