اللمعات | اللمعة السابعة عشرة | 226
(193-236)

وما انا بالباغي على الحب رشوةً ضعيفٌ هوىً يُبغى عليه ثوابُ
أي لا أطلب على الحب رشوة ولا أجرة ولا عوضاً ولا مكافأة، لأن الحب الذي يطلب ثواباً ومكافأة حبٌ ضعيف لا يدوم. فهذا الحب الخالص قد أودعه الله سبحانه في فطرة الانسان ولاسيما الوالدات عامة، فشفقة الوالدة مثال بارز لهذا الحب الخالص.
والدليل على ان الوالدات لا يطلبن تجاه محبتهن لأولادهن مكافأة ولا رشوة قط هو جُودُهن بانفسهن لأجل اولادهن، بل فداؤهن حتى باخراهن لأجلهم. حتى ترى الدجاج تهاجم الكلب انقاذاً لأفراخها من فمها – كما شاهدها خسرو – علماً أن حياتها هي كل مالديها من رأسمال.
 المسألة الرابعة:
ينبغي ألاّ تؤخذ النِعم التي تَرِدُ بأسباب ووسائل ظاهرية على حساب تلك الاسباب والوسائل، لأن ذلك السبب وتلك الوسيلة، إما له اختيار او لا اختيار له. فان لم يكن له اختيار – كالحيوان والنبات – فلا ريب انه يعطيك بحساب الله وباسمه. وحيث أنه يذكر الله بلسان حاله، أي يقول: بسم الله، ويسلمك النعمة، فخذها باسم الله وكُلها.
ولكن إن كان ذلك السبب له اختيار، فعليه أن يذكر الله ويقول: بسم الله، فلا تأخذ منه الاّ بعد ذكره اسم الله، لأن المعنى الاشاري – فضلاً عن المعنى الصريح – للآية الكريمة: ﴿ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه﴾(الانعام:121) يرمز الى: لا تأكلوا من نعمةٍ لم يُذكر اسم مالكها الحقيقي عليها وهو الله، ولم يسلم اليك باسمه.
وعلى هذا فعلى المعطي ان يذكر اسم الله، وعلى الآخذ ان يذكر اسم الله. فان كان المعطي لا يذكر اسم الله، وانت في حاجة الى الأخذ، فاذكر انت اسم الله، ولكن ارفع بصرك عالياً فوق رأس المعطي وانظر الى يد الرحمة الإلهية التي انعمت عليه وعليك معاً، وقبلها

لايوجد صوت