اللمعات | اللمعة العشرون | 261
(254-270)

الله وتقديره؟ اعلم واجبك، ولا تحاول ان تتدخل في تدبير الله وتقديره؟ اعلم ان تصديق الناس كلامك وقبولهم دعوتك وتجمعهم حولك انما هو من فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا تُشغل نفسك فيما يخصه سبحانه من تقدير وتدبير، بل اجمع همك في القيام بما انيط بك من واجب.
ثم ان الاصغاء الى الحق والحقيقة، ونوال المتكلم بهما الثواب ليس منحصراً على الجنس البشري وحده، بل لله عباد من ذوي الشعور ومن الروحانيين والملائكة قد ملأوا اركان الكون وعمروها. فان كنت تريد مزيداً من الثواب الاخروي فاستمسك بالاخلاص واتخذه اساساً لعملك واجعل مرضاة الله وحدها الهدف والغاية في عملك، كي تحيا افراد تلك الكلمات الطيبة المنطوقة من شفتيك منتشرة في جو السماء بالاخلاص وبالنية الخالصة لتصل الى اسماع مخلوقات من ذوي المشاعر الذين لا يحصرهم العد، فتنوّرهم، وتنال بها الثواب العظيم اضعافاً مضاعفة. ذلك لانك اذا قلت: (الحَمْدُ لله) مثلا فستُكتب بأمر الله على اثر نطقك بهذه الكلمة ملايين الملايين من (الحَمْدُ لله) صغيرة وكبيرة في الفضاء. فلقد خلق سبحانه مالا يعد من الآذان والاسماع تصغي الى تلك الكلمات الكثيرة الطيبة، حيث لا عبث ولا اسراف في عمل الباريء الحكيم. فاذا ما بعث الاخلاصُ والنية الصادقة الحياةَ في تلك الكلمات المنتشرة في ذرات الهواء فستدخل اسماع اولئك الروحانيين لذيذة طيبة كلذة الفاكهة الطيبة، ولكن اذا لم يبعث رضى الله والاخلاص الحياة في تلك الكلمات، فلا تستساغ، بل تنبو عنها الاسماع، ويبقى ثوابه منحصراً فيما تفوّه به الفم.
فليصغ الى هذا قراء القرآن الكريم الذين يتضايقون من افتقار اصواتهم الى الجودة والاحسان فيشكون من قلة السامعين لهم!.
السبب الرابع:
ان اختلاف اهل الهداية وتحاسدهم ليس كائناً من عدم التفكر في مصيرهم ولا من قصر نظرهم، كما ان الاتفاق الجاد بين اهل

لايوجد صوت