مما تشير اشارة لطيفة الى ان جماعة النساء الضعيفات اللطيفات تتخاشن وتتقوى وتكسب نوعاًُ من الرجولة، فاقتضت الحال صيغة المذكر، فجاء فعل (قال) مناسباً وفي غاية الجمال. أما الرجال الاقوياء فلانهم يعتمدون على قوتهم ولا سيما الاعراب البدويون فتكون جماعتهم ضعيفة كأنها تكسب نوعاً من خاصية الانوثة من توجس وحذر ولطف ولين فجاءت صيغة التأنيث للفعل ملائمة جداً في قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الاَعْرَابُ﴾.
نعم ان الذين ينشدون الحق لايرون وجه الحاجة الى معاونة الآخرين لما يحملون في قلوبهم من إيمان قوي يمدهم بسند عظيم ويبعث فيهم التوكل والتسليم، حتى لو احتاجوا الى الآخرين فلا يتشبثون بهم بقوة. اما الذين جعلوا الدنيا همهم، فلغفلتهم عن قوة استنادهم ومرتكزهم الحقيقي يجدون في انفسهم الضعف والعجز في انجاز امور الدنيا، فيشعرون بحاجة ملحة الى من يمد لهم يد التعاون فيتفقون معهم اتفاقاً جاداً لا يخلو من تضحية وفداء.
وهكذا فلأن طلاب الحق لا يقدرون قوة الحق الكامنة في الاتفاق ولا يبالون بها ينساقون الى نتيجة باطلة وخيمة تلك هي الاختلاف، بينما اهل الباطل والضلالة فلأنهم يشعرون – بسبب عجزهم وضعفهم – بما في الاتفاق من قوة عظيمة فقد نالوا امضى وسيلة توصلهم الى اهدافهم تلك هي الاتفاق.
وطريق النجاة من هذا الواقع الباطل الاليم، والتخلص من هذا المرض الفتاك، مرض الاختلاف الذي المّ بأهل الحق هو اتخاذ النهي الإلهي في الآية الكريمة: ﴿وَلاَ تَنَازَعوا فَتْفشَلواُ وَتَذْهَبَ ريحكُم﴾(الانفال:46) واتخاذ الامر الرباني في الآية الكريمة: ﴿وَتَعَاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتقْوى﴾(المائدة:2) دستورين للعمل في الحياة الاجتماعية.. ثم العلم بمدى ما يسببه الاختلاف من ضرر بليغ في الإسلام والمسلمين وبمدى ما ييسر السبيل امام اهل الضلالة ليبسطوا ايديهم على اهل الحق.. ثم الالتحاق بقافلة الإيمان التي تنشد الحق والانخراط