اللمعات | اللمعة العشرون | 266
(254-270)

مرض الاختلاف بتأدبكم بالادب الفرقاني العظيم، الا وهو: ﴿وَاِذَا مَرُّوا بِاللغْوِ مَرُّوا كِرَاماً﴾(الفرقان:72)، فاعفوا عن هفوات اخوانكم واصفحوا عن تقصيراتهم، وغضوا ابصاركم عن عيوب بعضكم البعض الآخر، ودعوا المناقشات الداخلية جانباً. فالاعداء الخارجيون يغيرون عليكم من كل صوب، واجعلوا انقاذ اهل الحق من السقوط والذلة من اهم واجباتكم الاخروية واولاها بالاهتمام، وامتثلوا بما تأمركم به مئات الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة من التآخي والتحابب والتعاون، واستمسكوا بكل مشاعركم بعرى الاتفاق والوفاق مع اخوانكم في الدين ونهج الحق المبين باشد مما يستمسك به الدنيويون الغافلون، واحذروا دائماً من الوقوع في شباك الاختلاف. ولا يقولن احدكم: (سأصرف وقتي الثمين في قراءة الاوراد والاذكار والتأمل، بدلاً من ان أصرفه في مثل هذه الامور الجزئية) فينسحب من الميدان ويصبح وسيلة في توهين الاتفاق والاتحاد وسبباً في اضعاف الجماعة المسلمة، ذلك لان المسائل التي تظنونها جزئية وبسيطة ربما هي على جانب عظيم من الاهمية في هذا الجهاد المعنوي. فكما ان مرابطة جندي في ثغر من الثغور الإسلامية – ضمن شرائط خاصة مهمة – لساعة من الوقت قد تكون بمثابة سنة من العبادة، فان يومك الثمين هذا الذي تصرفه في مسألة جزئية من مسائل الجهاد المعنوي ولا سيما في هذا الوقت العصيب الذي غلب اهل الحق فيه على أمرهم، اقول ان يومك هذا ربما يأخذ حكم ساعة من مرابطة ذلك الجندي، أي يكون ثوابه عظيماً، بل ربما يكون يومك هذا كألف يوم. اذ ما دام العمل لوجه الله وفي سبيله فلا يُنظر الى صغره وكبره ولا الى سموه وتفاهته، فالذرة في سبيل رضاه سبحانه مع الاخلاص تصبح نجمة متلألئة، فلا تؤخذ ماهية الوسيلة بنظر الاعتبار وانما العبرة في النتيجة والغاية، وحيث انها رضى الله سبحانه، وأن اساس العمل هو الاخلاص، فلن تكون تلك المسألة اذن مسألة صغيرة، بل هي كبيرة وعظيمة.

لايوجد صوت