نيل الاخلاص. ثم العلم بأن درهماً من عمل خالص لوجه الله اولى وارجح من ارطال من اعمال مشوبة لا اخلاص فيها. ثم ايثار البقاء في مستوى التابع دون التطلع الى تسلم المسؤولية التي قلما تسلم من الاخطار.
بهذه الامور يعالج هذا المرض الوبيل ويعافى منه، ويظهر بالاخلاص، ويكون المؤمن ممن ادى اعماله الاخروية حق الأداء.
السبب الخامس:
ان اختلاف اهل الهداية وعدم اتفاقهم ليس نابعاً من ضعفهم، كما أن الاتفاق الصارم بين اهل الضلالة ليس نابعاً من قوتهم. بل ان عدم اتفاق اهل الهداية ناجم عن عدم شعورهم بالحاجة الى القوة، لما يمدهم به أيمانهم الكامل من مرتكز قوي. وان اتفاق اهل الغفلة والضلالة ناجم عن الضعف والعجز، حيث لا يجدون في وجدانهم مرتكزاً يستندون الى قوته. فلفرط احتياج الضعفاء الى الاتفاق تجدهم يتفقون اتفاقاً قوياً، ولضعف شعور الاقوياء بالحاجة الى الاتفاق يكون اتفاقهم ضعيفاً. مثلهم في هذا كمثل الاسُود والثعالب التي لا تشعر بالحاجة الى الاتفاق فتراها تعيش فرادى. بينما الوعل والماعز الوحشي تعيش قطعاناً خوفاً من الذئاب. أي ان جمعية الضعفاء والشخص المعنوي الممثل لهم قوي كما ان جمعية الاقوياء والشخص المعنوي الممثل لهم ضعيف(1). وهناك اشارة لطيفة الى هذا السر في نكتة قرآنية ظريفة وهي: انه اسند الفعل (قَالَ) بصيغة المذكر الى جماعة الإناث مع كونها مؤنثة مضاعفة، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ في الْمَدينَةِ﴾ (يوسف:30)، بينما جاء الفعل (قالت) بصيقة المؤنث في قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الاَعْرَابُ﴾(الحجرات:14)، وهم جماعة من الذكور،
-------------------
(1) ان ما يؤيد دعوانا هذه هو: ان اقوى المنظمات الاوروبية واكثرها تأثيراً في المجتمع واشدها- من ناحية – هي منظمات النساء – وهن الجنس اللطيف – في امريكا التي تطالب بحقوق المرأة وحريتها.. وكذلك منظمات الارمن الذين هم اقلية وضعفاء بين الامم، فتراهم يبدون تضحية وبسالة فائقة. – المؤلف.