المساعدات والمنافع يجب ألا تُطلب قط، بل تُوهب. فلا يُسأل حتى بلسان الحال كمن ينتظرها قلباً. وانما تعطى من حيث لا يحتسب وإلاّ اختلّ اخلاص المرء وانتقض، وكاد ان يدخل ضمن النهي الإلهي في قوله تعالى: ﴿وَلا تَشْتَروُا بِآياتي ثَمَنَاً قَليلاً﴾(البقرة:41) فيحبط قسم من اعماله.
فالرغبة في هذه المنافع المادية وترقبها بدافع من اثره النفس الامارة وحرصها على كسب المنافع لذاتها، تثير عرق الحسد وتحرك نوازعه تجاه اخيه الحقيقي وصاحبه المخلص في الخدمة الإيمانية، فيفسد اخلاصه ويفقد قدسية دعوته لله، ويتخذ طوراً منفراً لدى اهل الحقيقة، بل يفقد المنافع المادية ايضاً.. وعلى كل حال فالمسألة طويلة.
وسأذكر ما يزيد سرّ الاخلاص ويديم الوفاق الصادق بين اخوتي الصادقين. اذكره ضمن مثالين:
المثال الاول (لإدامة الاخلاص):
لقد اتخذ ارباب الدنيا (الاشتراك في الاموال) قاعدة يسترشدون بها لاجل الحصول على ثروة طائلة او قوة شديدة، بل اتخذ من لهم التأثير في الحياة الاجتماعية – من اشخاص او جماعات وبعض الساسة – هذه القاعدة رائداً لهم. ولقد كسبوا نتيجة اتباعهم هذه القاعدة قوة هائلة وانتفعوا منها نفعاً عظيماً، رغم ما فيها من اضرار واستعمالات سيئة، ذلك لان ماهية الاشتراك لا تتغير بالمساوىء والاضرار التي فيها، لأن كل شخص – وفق هذه القاعدة – يحسب نفسه بمثابة المالك لجميع الاموال، وذلك من زاوية مشاركته في المال ومن جهة مراقبته واشرافه عليه، برغم انه لا يمكنه ان ينتفع من جميع الاموال.. وعلى كل حال فان هذه القاعدة اذا دخلت في الاعمال الاخروية فستكون محوراً لمنافع جليلة بلا مساوىء ولا ضرر. لان جميع تلك الاموال الاخروية تحمل سر الدخول بتمامها في حوزة كل فرد من اولئك الافراد المشتركين فيها، دون نقصان او تجزئة.
ولنفهم هذا بمثال: