اشترك خمسة اشخاص في اشعال مصباح زيتى. فوقع على احدهم احضار النفط، وعلى الآخر الفتيلة، وعلى الثالث زجاجة المصباح، وعلى الرابع المصباح نفسه وعلى الاخير علبة الكبريت.. فعندما اشعلوا المصباح اصبح كل منهم مالكاً لمصباح كامل. فلو كان لكل من اولئك المشتركين مرآة كبيرة معلقة بحائط، اذن لاصبح منعكساً في مرآته مصباح كامل – مع ما في الغرفة – من دون تجزؤ او نقص..
وهكذا الامر في الاشتراك في الامور الاخروية بسر الاخلاص، والتساند بسر الاخوة، وضم المساعي بسر الاتحاد، اذ سيدخل مجموع اعمال المشتركين، وجميع النور النابع منها، سيدخل بتمامه في دفتر اعمال كل منهم.. وهذا امر مشهود وواقع بين اهل الحقيقة، وهو من مقتضيات سعة رحمة الله سبحانه وكرمه المطلق.
فيا اخوتي..! آمل اَلاّ تسوقكم المنافع المادية الى الحسد فيما بينكم ان شاء الله تعالى. الا انكم قد تنخدعون كما انخدع قسم من اهل الطرق الصوفية، من باب المنافع الاخروية. ولكن تذكروا.. اين الثواب الشخصي والجزئي من ذلك الثواب العظيم الناشىء في افق الاشتراك في الاعمال المذكورة في المثال، واين النور الجزئي من ذلك النور الباهر.
المثال الثاني (لإدامة الاخلاص):
يحصل الصناعيون واهل الحرف على الانتاج الوفير وعلى ثروة هائلة نتيجة اتباعهم قاعدة (المشاركة في الصنعة والمهارة). واليك المثال:
قام عشرة من صناعي ابر الخياطة بعملهم، كل على انفراد، فكانت النتيجة ثلاث ابر فقط لكل منهم في اليوم الواحد.. ثم اتفق هؤلاء الاشخاص حسب قاعدة (توحيد المساعي وتوزيع الاعمال) فأتى احدهم بالحديد والاخر بالنار، وقام الثالث بثقب الابرة والاخر ادخلها النار والاخر بدأ يحدها.. وهكذا. فلم يذهب وقت احد سدى،