اللمعات | اللمعة الثالثة والعشرون | 302
(299-336)

ولما كان بعض اقسام تلك البراهين قد وضحت توضيحاً كافياً في بعض (رسائل النور) فسنذكرها هنا مجملة، كما ان البعض من البراهين الاخرى المبثوثة في ثنايا رسائل اخرى تبدو مندرجة في هذه الرسالة، وكأن كل برهان منها جزء من هذه الرسالة.

المقدمة
أيها الانسان!
اعلم ان هناك كلمات رهيبة تفوح منها رائحة الكفر النتنة، تخرج من افواه الناس، وترددها ألسنة اهل الإيمان دون علمهم بخطورة معنى ما يقولون، وسنبين ثلاثاً منها هي الغاية في الخطورة:
اولاها: قولهم عن الشيء: (أوجدته الاسباب) أي أن الاسباب هي التي توجد الشيء المعين.
ثانيها: قولهم عن الشيء: (تشكل بنفسه) أي أن الشيء يتشكل من تلقاء نفسه، ويوجِد نفسَهُ بنفسه، وينتهي الى صورته التي انتهى اليها كما هي:
ثالثتها: قولهم عن الشيء: (اقتضته الطبيعة) أي أن الشيء طبيعي، والطبيعة هي التي اوجدته واقتضته.
نعم! مادامت الموجودات موجودة وقائمة امامنا بما لا يمكن إنكارها مطلقاً، وان كل موجود يأتي الى الوجود في غاية الاتقان والحكمة، وهو ليس بقديم أزلي، بل هو محدث جديد.
فيا ايها الملحد! إما انك تقول ان هذا الموجود – وليكن هذا الحيوان مثلاً – توجده أسبابُ العالم، أي أنه يكتسب الوجود نتيجة اجتماع الاسباب المادية، او أنه تشكل بنفسه، او أنه يرد الى الوجود

لايوجد صوت