لاشك ان صاحب هذا الوهم هو اشقى اشقياء العالم، واعظمهم حماقة، واشدّ هذياناً من هذيان مخمور فاقد للوعي عندما يخطر بباله ان ذلك الترياق العجيب قد وجد نفسه بنفسه من جراء تصادم القناني وسيلان ما فيها!
نعم، ان ذلك الكفر هذيان احمق وجنون سكران.
المحال الثاني:
إن لم يُسند خلق كل شيء الى الواحد الاحد القدير ذي الجلال، وأسند الى الاسباب المادية، يلزم عندئذ ان يكون لاغلب عناصر العالم واسبابه دخلٌ وتأثير في وجود كل ذي حياة.
والحال ان اجتماع الاسباب المتضادّة والمتباينة فيما بينها، بانتظام تام، وبميزان دقيق وباتفاق كامل في جسم مخلوق صغير – كالذباب مثلاً – هو محال ظاهر الى حد يرفضه مَن له عقل بمقدار جناح ذبابة، ويُردّه قائلاً: هذا محال .. هذا باطل.. هذا غير ممكن..!
ذلك لان جسم الذباب الصغير ذو علاقة مع اغلب عناصر الكائنات، ومع مظاهرها واسبابها المادية، بل هو خلاصة مستخلصة منها، فان لم يُسند أيجادُه الى القدرة الإلهية المطلقة، يلزم ان تكون تلك الاسباب المادية حاضرة ومحتشدة جَنبَ ذلك الجسم مباشرة عند أيجاده، بل يلزم ان تدخل في جسمه الضئيل، بل يجب دخولها في حجيرة العين تمثل نموذج الجسم، ذلك لان الاسباب ان كانت مادية يلزم ان تكون قرب المسبَّب ودخلة فيه، وعندئذٍ يقتضي قبول دخول جميع العناصر في جميع اركان العالم مع طبائعها المتباينة في ذلك المسبّب دخولاً مادياً، وعملها في تلك الحجيرة المتناهية في الصغر بمهارة واتقان! أفلا يخجل ويستحي من هذا القول حتى اشد السوفسطائيين بلاهةً؟
المحال الثالث: