اللمعات | اللمعة الثالثة والعشرون | 308
(299-336)

ومستقبلك، وتعرف اصلك وآباءك واجدادك مع نسلك واحفادك وتدرك منابع عناصرك، وكنوز رزقك.. فهي اذن ذات عقل جبار!!
فيا معطل عقله في مثل هذه المسائل! أليس في اسناد هذا العلم والشعور والعقل الذي يسع ألفاً من مثل (افلاطون) الى ذرة في عقل مَن لا يملكه مثلك، خرافة خرقاء، وبلاهة بلهاء؟!.
 المحال الثاني:
ان جسمك ايها الانسان يشبه قصراً فخماً عامراً، له من القباب الف قبة وقبة، وكل قبة من قبابه معلقة فيها الاحجار، ومرصوصة بعضها الى البعض الآخر في بناء محكم دون عمد. بل ان وجودك -لو فكرت- هو اعجب من هذا القصر بالوف المرات، لان قصر جسمك انت في تجدد مستمر يبلغ الكمال في الانتظام والروعة.
فلو صرفنا النظر عما تحمله من روح ومن قلب ومن لطائف معنوية وهي معجزة بذاتها، واخذنا بنظر الاعتبار والتفكر عضواً واحداً فقط من أي عضو كان من بين اعضاء جسدك نراه شبيهاً بمنزلٍ ذي قباب. فالذرات التي فيه قد تعاونت وتعانقت بعضها مع البعض الاخر، في انتظام تام، وموازنة كاملة – كالاحجار في تلك القباب – وكونت بناءً خارقاً، وصنعة رائعة بديعة، فاظهرت للعيان معجزة عجيبة من معجزات القدرة الإلهية (كالعين واللسان) مثلاً.
فلو لم تكن هذه الذرات مأمورة منقادة لامر الصانع القدير، فان كل ذرة منها اذن لابد ان تكون حاكمة حكماً مطلقاً على بقية ذرات الجسد ومحكومة لها حكماً مطلقاً كذلك، وان تكون مثل كلٍ منها، وضدّ كل منها – من حيث الحاكمية – في الوقت نفسه! وان تكون مناط اغلب الصفات الجليلة التي لا يتصف بها الاّ الله سبحانه وتعالى، وان تكون مقيدة كلياً، وطليقة كلياً في الوقت نفسه..!

لايوجد صوت