اللمعات | اللمعة الثالثة والعشرون | 311
(299-336)

بخصائصها، موجودة وجوداً فعلياً في تلك القطعة الزجاجية الصغيرة – التي لا تسع لأدنى شيء – أي يلزم الاعتقاد بوجود شموس بعدد ذرات القطع الزجاجية.
وفي ضوء هذا المثال نقول:
ان لم يُسند خلق الموجودات والاحياء اسناداً مباشراً الى تجليات اسماء الله الحسنى الذي هو نور السموات والارض يلزم الاعتقاد اذن بوجود طبيعة وقوة تملكان قدرة مطلقة وارادة مطلقة مع علم مطلق وحكمة مطلقة في كل موجود من الموجودات، ولا سيما الاحياء، أي يلزم قبول ألوهية وربوبية في كل موجود!
فهذا النمط من التفكير المعوج لهو اشد بطلاناً من أي محال آخر، واكثر خرافة منه، فالذي يُسند ما ابدعه الخالق العظيم من صنعة رائعة دقيقة، ظاهرة جلية حتى في اصغر مخلوق الى يد الطبيعة الموهومة، التافهة التي لا تملك شعوراً لاشك انه يتردى بفكره الى درك أضل عن الحيوان.
 المحال الثاني:
ان هذه الموجودات التي هي في غاية الانتظام، وفي منتهى الروعة والميزان، وفي تمام الاتقان، وكمال الحكمة والاتزان؛ ان لم تسند الى من هو قدير مطلق القدرة وحيكم مطلق الحكمة، واسندت الى الطبيعة، يلزم الطبيعة ان تحضر في كل حفنة تراب، معامل ومطابع بعدد معامل اوروبا ومطابعها، كي تتمكن تلك الحفنة من ان تكون منشأ الازهار والاثمار الجميلة اللطيفة؛ لان تلك الحفنة من التراب التي تقوم بمهمة مشتل صغير للازهار تظهر قابلية فعلية لاستنبات وتصوير ما يلقى فيها بالتناوب من بذور جميع ازهار العالم وثماره، وبأشكالها وهيئاتها المتنوعة، والوانها الزاهية.
فإن لم تسند هذه القابلية الى قدرة الفاطر الجليل القادر على كل شيء.. فلابد اذن ان توجد في تلك الحفنة ماكنة معنوية طبيعية خاصة

لايوجد صوت