ويجعل تلك الاسباب موضع الشكوى لما يتراءى من نقائص، ولما يتصور من ظلم ظاهري في الاشياء.
ايهما اسهل على الفهم، واقرب معقوليةً الى الذهن: تصور (ساعاتي) يصنع تروس الساعة ومعداتها، ثم ينظمها على وفق ترتيب تروسها، ويوازن بين حركات عقاربها بدقة متناهية، ام ان نتصور الساعاتي يصنع في تروس الساعة وعقاربها ودقيق آلاتها ماكنة خارقة الفعال يُسلمُ صنع الساعة الى جمادية ايديها؟! قل معي: أليس هذا كلاماً فارغاً ومحالاً وخارجاً عن حدود الامكان؟ فهيا خاطب انت عقلك المجحف وكن انت القاضي والحكم.
وايهما يكون مستساغاً ومقبولاً في منطق العقل: تصور كاتب يخط كتاباً بنفسه بعد ان يحضر لوازم الكتابة؛ من مداد وقلم وورق، ام تصور ايجاد ذلك الكاتب مطبعة خاصة بذلك الكتاب وهي اعقد وادق من الكتاب نفسه يترك لها امر كتابة هذا الكتاب فيخاطبها قائلاً:
هيا اشرعي انت بكتابة الكتاب.. من دون تدخل من قبله؟
أليس مثل هذا التصور السقيم معضلاً عقلاً؟ ومشكلاً باضعاف امر الكتابة نفسها؟!
واذا قلت: ان أيجاد مطبعة لطبع الكتاب اعقد واصعب من الكتاب نفسه، إلاّ أنّ ماكنة المطبعة، قادرة على اصدار الآف النسخ من الكتاب في مدة قصيرة.وهذا وسيلة التيسير.
الجواب: ان البارىء المصور سبحانه قد خلق بقدرته المطلقة، بتجديد تجليات اسمائه الحسنى واظهارها على اشكال مختلفة، تشخصات الاشياء وملامحها، الخاصة بها، بحث لا يشبه مخلوق مخلوقاً آخر تشابهاً تاماً ومتطابقاً قط، وهو كتابٌ صمداني، ومكتوبٌ رباني.