يجيب عابد الطبيعة – ذلك الجاحد – قائلاً: مادمت تدعوني الى الانصاف فانا اعترف: ان ما سلكناه من طريق مضلّ الى الآن مثلما انه محال بمائة محال فهو مضر أيما ضرر، وهو في منتهى القبح والفساد. إنَّ مَن كان له مسكة من عقل يدرك من محاكماتكم العقلية، وتحقيقاتكم العلمية المسندة بالبراهين والمذكورة آنفاً، ان اسناد الايجاد والخلق الى الاسباب والى الطبيعة ممتنع عقلاً ومحال قطعاً، بل الواجب والضروري الملزم للعقل هو اسناد كل شيء مباشرة الى واجب الوجود سبحانه، فاحمد الله الذي هداني الى هذا الإيمان.
ولكن بقيتْ لدىّ شبهة واحدة فقط وهي: انني أؤمن بالله رباً وانه خالق كل شيء، ولكني أتساءل:
ماذا يضر عظمته سبحانه، وماذا يضر سلطانه جلّ وعلا، ان نتوجه ببعض المدح والثناء الى بعض الاسباب الجزئية في ايجادها الاشياء الصغيرة التافهة، فهل ينقص ذلك شيئاً من سلكانه سبحانه وتعالى؟!
والجواب: كما اثبتنا في قسم من الرسائل إثباتاً قاطعاً:
ان شأن الحاكمية (ردّ المداخلة) ورفضها كلياً، بل إن أدنى حاكم، او أي موظف بسيط لايقبل تدخلاً حتى من ابنه ضمن حدود حاكميته، بل ان توهم التدخل في الحاكمية قد دفع بعض السلاطين الي قتل اولادهم الابرياء رغم انهم كانوا على شيء من التقوى والصلاح، ممّا يظهر مدى اصالة هذا القانون – قانون ردّ المداخلة – في الحاكمية، فهو سارٍ في كل شيء ابتداءً من متخاصمين في تسنم إدارة ناحية صغيرة الى سلطانين يتنازعان للتفرد بالسلطة في البلاد، وكذلك فقد اظهر – بما لا يقبل الشك – ما يقتضيه استقلال الحاكمية من قانون