اللمعات | اللمعة الثالثة والعشرون | 322
(299-336)

نعم، انه لاجل ان يفي كل مخلوق بمعاني وجوده، لابدّ ان يملك سيماءً يعرف بها ويخالف بها الآخرين، وملامح تباين ملامح غيره، فانظر ودقق النظر في وجه الانسان تَر ان علامات فارقة قد احتشدت في هذا الوجه الصغير، بحيث تميز هذه العلامات صاحبها عن جميع الوجوه الاخرى المتتابعة منذ زمن آدم عليه السلام حتى اليوم، والى الابد، رغم التشابه والاتفاق في الماهية الانسانية، والكينونة البشرية، وهذا واضح جلي وثابت قطعاً.
فملامح كلّ وجه كتابٌ خاص بالوجه نفسه، وهو كتابٌ مستقلٌ بذاته عن غيره.. فلاجل إخراج هذا الكتاب الخاص، واتقان صنعه وتنظيمه، يستوجب الامر وجود مجموعة ابجدية كاملة من الحروف، والمناسبة حجماً له، ويتطلب تنضيد هذه الحروف في مواضعها من لوحة التنضيد، ليتم بعد ذلك مؤلف خاص بهذا الوجه يخالف تأليف الاخرين.
ويلزم هذا الامر جلب مواد صنعه الخاصة به، ثم وضعها في اماكنها المخصصة لها، ثمّ إدراج كل مايلزم وجود هذا الوجه – في الوجه نفسه – من عناصر البناء. وهذا كله لاشك يحتاج الى مصنع مستقل خاص به أي الى مطبعة خاصة في كل اشيائها لكل وجه من الوجوه!!
ثم الا تحتاج هذه المطبعة الخاصة – على فرض وجودها – الى تنظيم معين، وتنسيق مخصوص، فأمر الطبع نفسه – دع عنك تنسيق الحروف وترتيبها وتنظيمها – هو ايضاً بحاجة الى تنظيم؟..
فالمواد الموجودة في جسم كل كائن حي هي اكثر تعقيداً وادق تنظيماً من مواد المطبعة وتنظيمها بمئات الاضعاف، فجلب هذه المواد من اقطار العالم، ضمن حسابات معينة، وموازين دقيقة، ثم

لايوجد صوت