بعضهم بالبعض الآخر.. ثم بدأ يتأمل خيالاً، مدى اعجوبة هذا الحبل الموهوم. فزادت حيرته واشتدّ ارتباكه. ثم يمضي الى شأنه.
ويدخل جامع (أياصوفيا) العظيم، يوم الجمعة ويشاهد جموع المصلين خلف رجل واحد يمتثلون لندائه في قيامهم وقعودهم وسجودهم وركوعهم، ولمّا لم يكن يعرف شيئاً عن الشريعة الإلهية، والدساتير المعنوية لأوامر صاحب الشريعة، فانه يتصور، بأن هذه الجماعة مرتبطة ببعضها البعض بحبال مادية، وان هذه الحبال قد قيدت حركة الجماعة واسرتهم، وهي التي تحركهم وتوقفهم عن الحركة.
وهكذا يمضي الى سبيله وقد امتلأ ذهنه بأخطاء تصوراته، التي تكاد تثير الهزء والسخرية حتى لدى أشد الناس وحشية وهمجية.
ففي ضوء هذا المثال:
يأتي ملحدٌ الى هذا العالم الذي هو معسكر مهيب رائع لجنود السلطان الجليل، وهو مسجد عظيم بارع يعظم فيه ذلك المعبود الازلي ويقدّس؛ يأتيه وهو يحمل فكرة (الطبيعة) الجاحدة ذلك الجهل المطبق..
فيتصور (القوانين المعنوية) التي يشاهد آثارها في ربط انظمة الكون البديع، والنابعة من (الحكمة) البالغة للبارىء المصور سبحانه، يتصورها كأنها قوانين مادية، فيتعامل معها في ابحاثه كما يتعامل مع المواد، والاشياء الجامدة..
ويتخيل احكام قوانين الربوبية التي هي قوانين اعتبارية ودساتير الشريعة الفطرية الكونية للمعبود الازلي، والتي هي بمجموعها