الجليل سبحانه. برغم ان العقل المنزه عن الهوي يرفض كلياً – ضمن منطقة – ان ينسب شؤون الربوبية المطلقة – والتي تقتضي قدرةً مطلقةً – الى هذه (الكراسة) العمياء الصماء العاجزة.
ونحن نقول:
يا أحمق من (هَبَنقة)!(1).
أطلَّ برأسك من تحت مستنقع الطبيعة.. لترى الصانع الجليل الذي تشهد له جميع الموجودات، من الذرات الى المجرات، بألسنة متنوعة، وتشير اليه اشارات مختلفة.. وشاهد تجليات ذلك المصور الجليل الذي شيد قصر العالم الباذخ، ودوّن خطته وبرنامجه وقوانينه في تلك الكراسة.. وانقذ نفسك من ذلك الهذيان الآثم الرخيص!
المثال الثاني:
يدخل انسانٌ معزولٌ عن عالم المدنية والحضارة، وسط معسكر مهيب، فيبهره ما يشاهد من تدريبات متنوعة يؤديها – بغاية الانتظام والاتقان ومنتهى الطاعة والانقياد – جنود هذا المعسكر، فيلاحظ حركاتهم المنسقة وكأنها حركة واحدة يتحرك الجميع – فوجاً ولواءً وفرقةً – بحركة فرد واحد منهم، ويسكن الجميع بسكونه، يطلق الجميع النار اطلاقاً واحداً إثر امر يصدره ذلك الفرد.. فحارَ في أمره، ولم يكن عقله الساذج ليدرك ان قيادة قائد عظيم هو الذي ينفذ اوامره بأنظمة الدولة واوامر السلطان، فتخيل حبلاً يربط اولئك الجنود
---------------
(1) مثل يضرب لشدة الغباء والحماقة (جمهرة الامثال للعسكري 1/385 والمستقى للزمخشري 1/85).
– المترجم.