اللمعات | اللمعة الرابعة والعشرون | 347
(337-354)

النور فطرة. فهذه العلاقة الفطرية تُحس بها في كثير من الاماكن ولله الحمد والمنة.
ولقد غدت التضحية التي تنطوي عليها الشفقة والحنان ذات اهمية عظمى في زماننا هذا، اذ انها تعبر عن اخلاص حقيقي وفداء دون عوض ومقابل.
نعم! ان فداء الام بروحها انقاذاً لولدها من الهلاك من دون انتظار لأجر، وتضحيتها بنفسها باخلاص حقيقي لاولادها باعتبار وظيفتها الفطرية، تدلان على وجود بطولة سامية رفيعة في النساء، بحيث يستطعن ان ينقذن حياتهن الدنيوية والاخروية بانكشاف هذه البطولة وانجلائها في انفسهن، إلا ان تيارات فاسدة تحول دون ظهور تلك السجية القيمة القويمة وتمنع انكشافها، او تصرف تلك التيارات هذه السجية الطبية الى غير محالها فتسىء استعمالها.
نورد هنا مثالا واحدا من مئات امثلتها:
ان الوالدة الحنونة تضع نصب عينها كل فداء وتضحية لتمنع عن ولدها المصائب والهلاك، لتجعله يستفيد في الدنيا. فتربي ولدها على هذا الاساس، فتنفق جميع اموالها ليكون ابنها عظيماً وسيداً آمراً. فتراها تأخذ ولدها من المدارس العلمية الدينية وترسله الى اوروبا، من دون ان تفكر في حياة ولدها الابدية التي تصبح مهددة بالخطر.
فهي اذ تسعى لتنقذه من سجن دنيوي، لا تهتم بوقوعه في سجن جهنم الابدي، فتتصرف تصرفا مخالفة لفطرتها مخالفة كلية، اذ بدلا من ان تجعل ولدها البرىء شفيعا لها يوم القيامة تجعله مدعياً عليها، اذ سيشكو ذلك الولد هناك قائلا لها: (لِمَ لم تقوى ايماني حتى سببت في هلاكي هذا؟!).
وحيث انه لم يأخذ قسطاً وافراً من التربية الإسلامية، فلا يبالي بشفقة والدته الخارقة، بل قد يقصر في حقها كثيراً.

لايوجد صوت