اللمعات | اللمعة الخامسة والعشرون | 361
(355-383)

واحد تذيق الانسان – احياناً – ألماً معنوياً طوال سنة كاملة، وان الالم الناتج من يوم مرض موقت يوفر لذة معنوية لثواب ايام عدة فضلاً عن اللذة المعنوية النابعة من الخلاص منه، فتذكر جيداً نتيجة المرض الموقت الذي تعانيه وفكر في الثواب المرجو المنتشر في ثناياه، وتشبث بالشكر وترفع عن الشكوى وقل: (ياهذا.. كل حالٍ يزول..).
الدواء السادس (1)
ايها الاخ المضطرب من المرض بتذكر اذواق الدنيا ولذائذها! لوكانت هذه الدنيا دائمة فعلاً، ولو انزاح الموت عن طريقنا فعلاً، ولو انقطعت اعاصير الفراق والزوال عن الهبوب بعد الآن، ولو تفرغ المستقبل العاصف بالنوائب عن مواسم الشتاء المعنوية، لانخرطتُ في صفك ولرثيتك باكياً لحالك. ولكن مادامت الدنيا ستخرجنا منها قائلة: (هيا اخرجوا..!) صامة اذانها عن صراخنا واستنجادنا. فعلينا نحن قبل ان تطردنا هي نابذة لنا، ان نهجر عشقها والاخلاد اليها من الآن، بايقاظات الامراض والسعي لاجل التخلي عن الدنيا قلباً ووجداناً قبل ان تتخلى هي عنا.
نعم، ان المرض بتذكيره ايانا هذا المعنى اللطيف والعميق، يهمس في سرائر قلوبنا قائلاً:
(بنيتك ليست من الصلب والحديد بل من مواد متباينة مركبة فيك، ملائمة كل التلاؤم للتحلل والتفسخ والتفرق حالاً، دع عنك الغرور وادرك عجزك وتعرّف على مالكك، وافهم ما وظيفتك وتعلم ما الحكمة والغاية من مجيئك الى الدنيا؟).
ثم ما دامت ان اذواق الدنيا ولذاتها لاتدوم، وبخاصة اذا كانت غير مشروعة، بل تبعث في النفس الالم وتكسبه ذنباً وجريرة، فلا

-------------------

(1) نظراً لورود هذه اللمعة فطرياً دون تكلف وتعمد، فقد كُتبت في المرتبة السادسة دواءان، واحجاماً عن الاقحام في فطريتها، فقد تركناها كما هي ولم نجرؤ على تبديل شيء منها خوفاً من وجود سرّ في المسألة. – المؤلف.

لايوجد صوت