تبك على فقدك ذلك الذوق بحجة المرض، بل تفكر في معنى العبادة المعنوية التي يتضمنها مرضك والثواب الاخروي الذي يخفيه لك، واسع لتنال ذلك الذوق الخالص الزكي.
الدواء السابع
ايها المريض الفاقد لنعمة الصحة! ان مرضك لا يذهب بلذة النعمة الإلهية في الصحة بل على العكس، انه يذيقك أياها ويطيبها ويزيدها لذة، ذلك ان شيئاً ما اذا دام واستمر على حاله يفقد طعمه وتأثيره. حتى اتفق أهل الحق على القول: (انما الاشياء تُعرف بأضدادها..) فمثلاً: لولا الظلمة لما عُرف النور ولظل دون لذة، ولولا البرودة لما عُرفت الحرارة ولبقيت دون استساغة، ولولا الجوع لما اعطى الاكل لذته وطعمه، ولولا حرارة المعدة لما وَهَبنا احتساء الماء ذوقاً، ولولا العلة لكانت العافية بلا ذوق، ولولا المرض لباتت الصحة عديمة اللذة.
ان الفاطر الحكيم لما اراد اشعار الانسان واحساسه مختلف احسانه واذاقته انواع نَعمه سوقاً منه الى الشكر الدائم، جهزه بأجهزة في غاية الكثرة لتُقبل على تذوق تلك اَلآلاف المؤلفة من انواع النعم المختلفة، لذا فلابد من انه سيُنزل الامراضَ والاسقام والعلل ايضاً مثلما يُلطف ويرزق بالصحة والعافية.
واسألك: (لو لم يكن هذا المرض الذي اصاب رأسك او يدك او معدتك.. هل كان يمقدورك ان تتحسس اللذة الكامنة في الصحة التي كانت باسطة ظلالها على رأسك او يدك او معدتك؟ وهل كنت تتمكن ان تتذوق وتشكر النعمة الإلهية التي جسّدتها تلك النعمة؟ بل كان الغالب عليك النسيان بدلاً من الشكر، او لكنت تصرف تلك الصحة بطغيان الغفلة الى سفاهة دون شعور!).