بشفقة عليك ورأفة لاجل مرضك، كي اقوم بالدعاء لك، فحاول التجمل بالصبر والثبات امام هذا المرض، حتى تتحقق لك الافاقة والصحوة؛ إذ بعد أن ينهي المرض مهامه سيشفيك الخالق الرحيم ان شاء). وكنت اقول ايضاً: ( ان قسماً من امثالك يزعزعون حياتهم الابدية بل يهدمونها مقابل متاع ظاهري لساعة من حياة دنيوية، وذلك لمضيهم سادرين في الغفلة الناشئة من بلاء الصحة، هاجرين الصلاة ناسين الموت وغافلين عن الله عز وجل. اما انت فترى بعين المرض القبرَ الذي هو منزلك الذي لا مناص من الذهاب اليه، وترى كذلك ما وراءه من المنازل الاخروية الاخرى، ومن ثم تتحرك وتتصرف على وفق ذلك. فمرضك اذاً انما هو بمثابة صحةٍ لك، والصحة التي يتمتع بها قسم من امثالك انما هي بمثابة مرضٍ لهم).
الدواء السادس
ايها المريض الشاكي من الالم! أسألك أن تعيد في نفسك ما مضى من عمرك وان تتذكر الايام الهانئة اللذيذة السابقة من ذلك العمر والاوقات العصيبة والاليمة التي فيه.
فلا جرم انك ستنطق لساناً أو قلباً: إما بـ(أوه) او (آه). أي اما ستتنفس الصعداء وتقول: (الحمد لله والشكر له) او ستتنهد عميقاً قائلاً: (واحسرتاه!. واسفاه!). فانظر كيف ان الآلام والنوائب التي عانيت منها سابقاً عندما خَطَرتْ بذهنك غمرتك بلذة معنوية، حتى هاج قلبك بـ(الحمد لله والشكر له)؛ ذلك لان زوال الالم يولد لذة وشعوراً بالفرح. ولان تلك الآلام والمصائب قد غَرست بزوالها لذةً كامنة في الروح سالت بتخطرها على البال وخروجها من مكمنها حلاوةً وسروراً وتقطرت حمداً وشكراً. اما حالات اللذة والصفاء التي قضيتها والتي تنفث عليها الآن دخان الالم بقولك: (واأسفاه، واحسرتاه) فانها بزوالها غَرست في روحك ألماً مضمراً دائمياً، وها هو ذا الالم تتجدّد غصاتُه الآن بأقل تفكرٍ في غياب تلك اللذات، فتنهمر دموع الاسف والحسرة. فما دامت اللذة غير المشروعة ليوم