اللمعات | اللمعة الخامسة والعشرون | 359
(355-383)

يجمل هندامي ويزين قامتي بقصك وتقصيرك له.. إنك تظلمني ولا تنصفني؟).
وكذلك الحال بالنسبة للصانع الجليل سبحانه وتعالى – ولله المثل الاعلى – الذي البسك ايها المريض قميص الجسد، واودع فيه الحواس النورانية المرصعة كالعين والاذن والعقل، فلأجل اظهار نقوش اسمائه الحسنى، يبدّلك ضمن حالات متنوعة ويضعك في اوضاع مختلفة. فكما انك تتعرف على اسمه (الرزاق) بتجرعك مرارة الجوع، تتعرف على اسمه (الشافي) بمرضك.
ونظراً لظهور قسم من احكام اسمائه الحسنى بالآلام وانكشافه بالمصائب، ففيها لمعات الحكمة وشعاعات الرحمة وأنوار الجمال. فاذا ما رُفع الحجاب فستجد فيما وراء مرضك الذي تستوحش منه وتنفر، معاني عميقة جميلة محببة ترتاح اليها، تلك التي كانت تنزوي خلف حجاب المرض.
الدواء الخامس
ايها المبتلى بالمرض! لقد توافرت لديّ القناعة التامة خلال تجربتي في هذا الزمان، بان المرض نوع من الاحسان الإلهي والهدية الرحمانية لقسم من الناس(1). فقد التقاني بعضُ الشباب في هذه السنوات الثماني او التسع، لمعاناتهم المرض، ابتغاء دعاء لهم، رغم اني لست اهلاً لذلك. فلاحظت أن مَن كان منهم يعاني مرضاً هو اكثر تفكراً في الآخرة وتذكراً لها، وليس ثملاً بغفلة الشباب، بل كان يقي نفسه – الى حدّ ما – تحت اوجاع المرض وأوصابه ويحافظ عليها من الشهوات الحيوانية. وكنت اذكرهم بأني ارى أن أمراضهم هذه، ضمن قابليتهم على الحمل انما هي احسان إلهي وهبة منه سبحانه. وكنت اقول: (يااخي ! انا لست ضد مرضك هذا ولاعليه، فلا اشعر

----------------

(1) عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي y قال:(مَن يرد الله به خيراً يُصب منه) رواه البخاري ومالك.

لايوجد صوت