من جنة معنوية، لها منافع جليلة، ولا يأتي منها ضرر، بل كأنها تنزل من الاعلى، أي من خزينة الرحمة.
ولعل المقصود من قول بعض المفسرين: ان هذه الحيوانات قد اُنزلت من الجنة ناشىء من هذا المعنى المذكور(1).
ان كتابة صحيفة كاملة حول ايضاح ما في حرف واحد من القرآن الكريم من مسائل ونكات لا تعد اطناباً، فليس اذن من الاسراف في شيىء كتابتنا ثلاث صفحات لبيان نكات العبارة القرآنية (انزلنا). بل قد يكون احياناً حرف واحد من القرآن الكريم مفتاحاً لخزينة معنوية عظيمة.
* * *
دستور
ان طلاب النور لا يتحرّون عن نورٍ خارج دائرة رسائل النور، وما ينبغي لهم. ولو تحرّى أحدٌ منهم فلا يجد الاّ مصباحاً بدلاً من شمس معنوية تضىء من نافذة رسائل النور، بل قد يفقد الشمس.
ثم ان ما في دائرة رسائل النور من مشرب الخلة ومسلك الاخوة، هذا المشرب الخالص والمسلك القوي الذي يُكسب الفرد الواحد ارواحاً كثيرة ويُظهر سراً من اسرار الاخوة التي ورثها الصحابة الكرام من نور النبوة، هذا المشرب لايدع حاجة الى البحث عن المرشد الوالد في الخارج – مع إضرار به بثلاث جهات – بل يوجد له
----------------
(1) لقد قال بعض المفسرين: ان مبادى هذه الحيوانات قد أتت من السموات. ومرادهم في ذلك: ان بقاء هذه الحيوانات المسماة بالأنعام، انما هو بالرزق، وان ارزاقها هي الاعشاب والنباتات، ورزق الاعشاب آت من المطر، والمطر باعث على الحياة ورحمة نازلة من السماء، فالرزق آت من السموات. والآية الكريمة ﴿وفي السماء رزقكم﴾(الذاريات:22) تشير الى هذا المعنى. اذ لما كانت ادامة اجسام الحيوانات المتجددة هي بالمطر النازل من السموات، فان التعبير بـ(انزلنا) هو في موضعه اللائق - المؤلف.