بدلاً من الوالد المرشد الواحد، اخواناً كباراً كثيرين. فلاشك ان ما تسبغه اَنواع الشفقة النابعة من قلوب اخوة كبار، يزيل شفقة الوالد الواحد.
نعم، ان الذي اتخذ لنفسه شيخاً قبل دخوله الدائرة يمكنه ان يحافظ على رابطته بشيخه ومرشده ضمن الدائرة ايضاً، ولكن من لم يكن له شيخ بعد الدخول في الدائرة، ليس له ان يتخذ شيخاً إلاّ ضمن الدائرة.
ثم ان ما في درس رسائل النور للحقائق من علم الحقيقة الذي يمنح فيض الولاية الكبرى النابعة من سر الوراثة النبوية، لا يدع حاجة الى الانتماء الى الطرق الصوفية خارج الدائرة، إلا من فهم الطريقة على غير وجهها وكأنها رؤى جميلة وخيالات وانوار وأذواق، ويرقب في الحصول على اذواق الدنيا وهوساتها مما سوى فضائل الآخرة، ويطلب مقام المرجعية كعبدة النفس. ان هذه الدنيا دار حكمة. والأجر والثواب فيها على قدر المشقات والتكاليف، وهي ليست دار مكافأة وجزاء. ولهذا لا يهتم اهل الحقيقة بالاذواق والانوار التي في الكشف والكرامات، بل قد يفرّون منها يريدون سترها.
ثم ان دائرة رسائل النور دائرة واسعة جداً، وطلابها كثيرون جداً، فلا تعقب الذين يهربون منها، ولا تهتم بهم. وربما لا تدخلهم ضمن دائرتها مرة اخرى. لأن الانسان يملك قلباً واحداً والقلب الواحد لا يمكن أن يكون في داخل الدائرة وخارجها معاً.
ثم ان الراغبين في ارشاد الآخرين ممن هم خارج دائرة النور، عليهم الاّ ينشغلوا بطلاب النور لأن احتمال خسرانهم بثلاث جهات وارد. فالطلاب الذين هم في دائرة التقوى ليسوا بحاجة الى الارشاد، علماً ان في الخارج الكثيرين من تاركي الصلاة، فترك اولئك والانشغال بهؤلاء المتقين ليس من الارشاد في شىء. فان كان ممن يحب هؤلاء الطلاب فليدخل اولاً ضمن الدائرة، وليكن لهم أخاً، وان كان ذو مزايا وفضائل فليكن لهم اخاً كبيراً.