اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 488
(465-515)

الاشارات الكثيرة للآية الكريمة الواردة بحق العاصين لله، فهمتها كأنها متوجهة الينا وتلك الآية الكريمة هي: ﴿فَلَماَ نَسُواْ مَا ذُكرُواْ بِهِ ... أَخَذنَاهُم﴾(1) أي: لما نسي الذين ذُكروا بالنصائح، ولم يعملوا بمقتضاها.. اخذناهم بالمصيبة والبلاء.
نعم، لقد كُتبنا مؤخراً رسالة تخص سر الاخلاص، وكانت حقاً رسالة رفيعة سامية، ودستوراً اخوياً نورانياً، بحيث ان الحوادث والمصائب التي لايمكن الصمود تجاهها الاّ بعشرة الآف شخص، يمكن مقاومتها – بسر ذلك الاخلاص – بعشرة اشخاص فقط. ولكن أقولها آسفاً: اننا لم نستطع وفي المقدمة أنا، ان نعمل بموجب ذلك التنبيه المعنوى، فأخذتنا هذه الآية الكريمة – بمعناها الاشارى – فابتلي قسم منا بلطمة تأديب ورحمة، بينما لم تكن لطمة تأديب لقسم آخر بل مدار سلوان لهم، وليكسْبوا بها لأنفسهم الثواب.
نعم، انني لكونى ممنوعاً عن الاختلاط منذ ثلاثة شهور لم استطع ان اطلع على احوال اخوانى الاّ منذ ثلاثة أيام، فلقد صدر – مالا يخطر ببالي قط – ممن كنت احسبهم من اخلص اخواني اعمالاً منافية لسر الاخلاص. ففهمت من ذلك ان معنىً اشارياً للآية الكريمة ﴿فَلَماَ نَسُواْ مَا ذُكرُواْ بِهِ...أَخَذنَاهُم﴾ يتوجه الينا من بعيد.
ان هذه الآية الكريمة التي نزلت بحق اهل الضلال مبعث عذاب لهم، هي لطمة رحمة وتأديب لنا؛ لتربية النفوس وتكفير الذنوب وتزييد الدرجات. والدليل على أننا لم نقدر قيمة ما نملك من نعمة إلهية حق قدرها هو: اننا لم نقنع بخدمتنا القدسية برسائل النور المتضمنة لأقدس جهاد معنوي، ونالت الولاية الكبرى بفيض الوراثة النبوية وهي مدار سر المشرب الذي تحلى به الصحابة الكرام. وان الشغف بالطرق الصوفية التي نفعها قليل لنا في الوقت الحاضر، واحتمال إلحاقها الضرر بوضعنا الحالي ممكن، قد سُدّ امامه بتنبيهي الشديد عليه.. والاّ لأفسد ذلك الهوى وحدتنا، وادّى الى تشتت الافكار الذي ينزل قيمة

----------------

(1) نص الآية الكريمة ﴿فَلَماَ نَسُواْ مَا ذُكرُواْ بِهِ فَتَحنَا عَلَيهِم أَبوَابَ كلِ شَىءٍ حَتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذنَاهُم بَغتَةً فَإِذَا هُم مبْلسُونَ ﴾(الانعام:44).

لايوجد صوت