تنبيه
حكايتان صغيرتان
الحكاية الأولى: عندما كنت اسيراً في شمالي روسيا قبل خمسة اعوامً (1) في قاعة مصنع كبير، مع تسعين من ضباطنا، كانت المناقشات تحتد والاصوات تتعالى نتيجة الضجر وضيق المكان. وكنت اهدئهم حيث كانوا جميعاً يحترمونني. ثم عينت خمساً من الضباط لإقرار الهدوء وقلت لهم: اذا سمعتم الضوضاء في أية ناحية اسرعوا اليها، وعاونوا الجهة غير المحقة. وحقاً لقد انتهى الضوضاء نتيجة هذا العمل. فسألوني: لِمَ قلت: عاونوا غير المحق؟ وقد أجبتهم حينها: ان غير المحق، هو غير منصف، لا يدع درهماً من راحته لأربعين درهماً من راحة الجميع. اما المحق فيكون ذا انصاف يضحي براحته التي تعدل درهما، لراحة صديقه التي تعدل اربعين درهماً. وبتخليه عن راحته هذا، يسكن الضوضاء والصخب وينتهي ويعم الهدوء. فيرتاح الضباط التسعون الساكنون في هذه القاعة. ولكن اذا مدّ المحقّ بقوة يزداد الصخب اكثر. ففي مثل هذه الحياة الاجتماعية تؤخذ المصلحة العامة بنظر الاعتبار.
فيا اخوتي!! لا يستاء بعضكم من بعض قائلاً: ان اخي هذا لم ينصفني او اجحف بحقي.. فهذا خطأ جسيم في هذه الحياة وفي اجتماعنا هذا. فلئن اضرك صاحبك بدرهم من الضرر، فانك بإستيائك منه وهجرك اياه تلحق اربعين درهماً من الاضرار. بل يحتمل إلحاق اربعين ليرة من الاضرار برسائل النور. ولكن ولله الحمد فان دفاعاتنا الحقة القوية والصائبة جداً قد حالت دون أخذ اصدقائنا الى الاستجواب واخذ افاداتهم المكرر، فانقطع دابر الفاسد. والاّ لكان
-----------------
(1) المقصود سنة 1916م. – المترجم.