اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 493
(465-515)

التضحية حتى بحياته. فان شئت فانظر الى اللذة التي تكسبها الوالدت من بذل شفقتهن لاولادهن، حتى أنها تمضي في سبيل تلك الرأفة والشفقة الى الجود بنفسها. بل ترى هذه الحقيقة واضحة حتى في عالم الحيوان، فالدجاجة تهاجم الاسد دفاعاً عن فراخها.
اذن ففي الاحترام والرأفة اجره معجلة. يشعر بهذه اللذة اولئك الذين يملكون ارواحاً عالية ونفوساً ابية شهمة.
ومثلاً: ان في الحرص والاسراف عقوبة معنوية معجلة وجزاء قلبياً، اذ يجعل صاحبه ثملاً من كثرة الشكوى والقلق، فترى العقوبة نفسها بل اشد منها في الحسد والتنافس والغيرة، حتى ان الحسد يحرق صاحبه قبل غيره. وتنقلب الآية في التوكل والقناعة اذ فيهما ثواب واي ثواب بحيث انه يزيل آثار المصائب واوضار الفاقة والحاجة.
ومثلاً: ان الغرور والتكبر حمل ثقيل مقيت على كاهل الانسان، حيث انه يتعذب من رؤيته استثقال الآخرين له في الوقت الذي ينتظر منهم احترامه.
نعم! ان الاحترام والطاعة توهب ولا تطلب.
ومثلاً: ان في التواضع وترك الغرور والكبر لذة عاجلة ومكافأة آنية يخلص المتواضع من عبء ثقيل وهو التصنع والرياء.
ومثلاً: ان في سوء الظن وسوء التأويل جزاء معجلاً في هذه الدنيا. حتى غدت (مَن دقّ دُقّ) قاعدة مطردة. فالذي يسىء الظن بالناس يتعرض حتماً لسوء ظنهم. والذي يؤول تصرفات اخوانه المؤمنين تأويلاً سيئاً، لا محالة سيتعرض للجزاء نفسه في وقت قريب.
وهكذا فقس على هذا المنوال جميع الخصال الحسنة والذميمة.

لايوجد صوت