اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 500
(465-515)

وكما يبدأ الشخص بالسلام عند دخوله المنزل، كذلك وجدت في نفسي شوقاً هائلاً ورغبة جياشة الى القول: ألف ألف سلام عليك يارسول الله(1)..
ومن هنا وجدت نفسي كأنني اسلم عليه بعدد الانس والجن واعبر بسلامي هذا عن تجديد البيعة له والرضى برسالته وقبولها منه واطاعة القوانين التي أتى بها، والتسليم لاوامره وسلامته من بلايانا. أي كأنني اقدم هذا السلام – ناطقاً تلك المعاني – باسم كل فرد من افراد عالمي وهم ذوو الشعور من جن وانس، وجميع المخلوقات.
وكذا فان ما جاء به من النور العظيم والهدية الغالية ينور عالمي الخاص هذا كما ينور العالم الخاص لكل احد في هذه الدنيا، فيحوّل عالمنا الى عالم زاخر بالنعم. فقلت تجاه هذه النعمة الهائلة: (اللهم أنزل ألف صلاة عليه) علها تكون شكراناً وعرفانا للجميل على ذلك النور الحبيب والهدية الغالية، اذ اننا لانستطيع أن نرد جميله واحسانه الينا أبداً، فأظهرنا تضرعنا الى الله جل وعلا بالدعاء والتوسل كي ينزل من خزائن رحمته رحمة عليه بعدد اهل السموات جميعاً.. هكذا احسست خيالاً.
فهو y يطلب صلاة بمعنى (الرحمة) من حيث هو (عبد) ومتوجه من الخلق الى الحق سبحانه. ويستحق (السلام) من حيث أنه (رسول) من الحق سبحانه الى الخلق.
---------------

(1) ذلك لان الرحمة النازلة على الرسول الكريم y هي متوجهة لحاجة الامة قاطبة في زمن ابدي، لذا فالصلاة غير المتناهية التي تهدي اليه منسجمة جداً.
فلو دخل شخص بيتاً خالياً مظلماً موحشاً – كالدنيا المظلمة الموحشة بالغفلة – كم سيأخذه الرعب والدهشة والاضطراب؟ ولكن كم يسرّه ويؤنسه ويفرحه وينوره لو رأى أن شخصاً قد تصدر ذلك البيت يعرّفه بجميع ما فيه؟ فما بالك لو كان هذا الشخص هو الحبيب المحبوب والانيس المأنوس وهو الرسول العظيم y، متصدر بيت العالم، يعرف لنا المالكَ الرحيمَ بما فيه من اشياء.
قس هكذا لكي تقدر بنفسك قيمة الصلوات عليه ولذتها. – المؤلف.

لايوجد صوت