حَسْبِي(1) مِنْ بَقائِي اَنَّ الله هُوَ الَهِيَ الْباقِي، وَخالِقِيَ(2) البَاقِي، وَموجِديَ البَاقِي، وَفاطِرِيَ البَاقِي، وَمالِكِي البَاقِي، وَشاهِدِيَ البَاقِي، وَمعْبُودِيُ البَاقِي وباعِثِيَ البَاقِي، فَلاَ بأْسَ وَلاَ حزْنَ وَلاَ تأَسفَ وَلاَ تحَسرَ علَى زَوَالِ وَجودِي لِبقَاءِ موجِدِي، وَاِيجَادِهِ بِآسْمَائِهِ. وَما فِي شَخْصِي مِنْ صِفَةٍ اِلاَّ وَهِيَ مِنْ شُعَاعٍ اِسْمٍ مِنْ اِسْمَائِهِ البَاقِيَةِ؛ فزَوَالُ تِلْكَ الصفَةِ وَفنَاؤهَا ليْسَ اِعْدَاماً لهَا، لاَنهَا مَوْجُودَةٌ فِي دَائِرَةِ الْعِلْمِ وَباقِيَةٌ وَمشْهُودَةٌ لخَالِقِهَا.
وَكذَا حَسْبِي مِنَ البَقَاءِ وَلذتِهِ عِلمِي وَاِذْعَانِي وَشُعُورِي وَاِيمَانِي باَنهُ اِلَهِيَ البَاقِي المُتَمَثلُ شُعَاعُ اِسْمِهِ البَاقِي فِي مِرْآةِ مَاهِيتِي؛ وَما حَقِيقَةُ ماهِيتِي اِلاَّظِلٌّ لِذلِكَ الاِسْمِ. فَبِسِرِّ تمَثلِهِ فِي مِرَآةِ حَقِيقَتِي صَارَتْ نَفْسُ حَقِيقَتِي مَحْبُوبَةً، لاَ لِذاتِهَا بَلْ بِسِرِّ مَا فِيهَا وَبقَاءُ مَا تَمثلَ فِيهَا اَنْوَاعُ بقاءٍ لَها.
------------
(1) مثلما رأيت جلوات الاسماء الباقية للباقي ذي الجلال وراء فناء الدنيا وزوال الآفاق، فشعرت بسلوان تام، كذلك نظرت الى شخصي. فاذا بمختلف طبقات الموجودات النفسية العديدة والصفات الشخصية وحقائقها التي افتتنت بها في شخضي تجري بسرعة نحو الزوال والفناء، فبحثت في تلك الفانيات عن البقاء بسرّ ما غرز في فطرة الانسان من عشق البقاء، فوجدت جلوة اسماء خالقي الباقي، ورأيت في زوال كلّ صفة من صفاتي جلوةً باقية من جلوات اسمٍ من الاسماء المتمثلة فيها. عند ذلك أدركت إدراكاً قاطعاً أن عشق البقاء الكامن في فطرة الانسان محبة متشعبة عن المحبة إلآلهية.
بيد ان الانسان يتحرّى محبوبه بشكل خطأ؛ فبينما يلزم عليه حب المتمثل في المرآة والبحث عنه، يبدأ بحب المرآة او حب كيفية التمثل فيها والتي تعد بمثابة الزينة لها. فيعبد (أنا) بدلاً من أن يعبد (هو). ولكن يدرك خطأه بعد زواله.
إنّ القلب وماهية الانسان مرآة ذات شعور، تحس ما يتمثل فيها بشعور، وتحبه بعشق البقاء. – المؤلف.
(2) إن حرف (الياء) التي تتكرر في الكلمات الثمانية، ضمير متكلم تبين نفسهَا. _ المؤلف.