ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | لمعات | 24
(9-26)

يكون الجميع آثار صانع واحد؛ والاّ لَذَهَبَت الصعوبةُ الصّاعدة الى درجة الامتناع بذلك الجنس وبذلك النوع الى العدم. فكما يمتنع شريكُ ذاتهِ سبحانه، وإلاّ لفسد العَالمُ بالخروج عن الانتظام.. كذلك يمتنع شريكُه في فِعْله، والاّ لانعَدَم العالمُ ولم يوجد.
اللمعة الثانية عشر:
انظر! كما ان الحياة برهان الأحدية، ودليل وجوب الوجود، فالموت دليل السرمدية والبقاء. اذ كما ان ظهور قطرات النهر الجاري وحَبابات(1) البحر المتمّوج وشفافات وجه الارض المتجددة شاهداتٌ على الشمس باراءة تماثيلها وضيائها، وان زوال تلك القطرات والحبابات والشفافات وغروبَها وأفولَها وفَناءها وموتها مع استمرار تجلي الضياء على امثالها الآتية عقيبها ودوام جلوات التماثيل على كل قافلةٍ سيارةٍ خلفها، شاهداتٌ على بقاء الشمس في تجلياتها ودوام الضياء في جلواتها وعلى ان كل هذه التماثيل والأشعاتِ آثارُ شمسٍ واحدة، فيظهرون وجودها بوجودهم وبقاءها ووحدتها بعدمهم، مع انعدام اسبابهم الظاهرية معهم..
كذلك هذه الموجودات تشهد بوجودها على وجوب وجود الواجب الوجود، وتشهد بزوالها مع اسبابها ومجئ امثالها عقيبها على ازليته وسرمديته وأحديته؛ اذ إن تجدّد المصنوعات الجميلة وتبدلَ الموجودات اللطيفة وغروبَها في طلوع امثالها وافولَها في ظهور اشباهها عند اختلاف الليل والنهار وعند تحول الفصول وتبدل العصور، تَشهَدُ شهادةً قاطعةً على وجود ذي جمالٍ مجرد سرمدي عالٍ دائم التجلي، وعلى بقائه ووحدته.. وان زوال الاسباب السفلية مع المسبَّبات في الانقلابات السنوية والعصرية، ثم اعادة امثال المسبَّبات مع الاسباب، يشهد قطعاً على ان الاسباب كالمسبّبات عاجزة مصنوعة قورنَت بينها وبينها لِحكَم دقيقة، بل تدل على ان كل هذه المصنوعات اللطيفة السيّالة وهاتيك الموجودات الجميلة الجوّالة

--------------------

(1) الحباب: الفقاقيع التي تعلو الماء.

لايوجد صوت