ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | رشحات | 37
(27-56)

بدرجةٍ كأنه هو امامٌ في محراب عصره واصطفّ خلفَه، مقتدين به جميعُ افاضل بني آدم، من آدم الى هذا العصر الى آخر الدنيا، في صفوف الاعصار مؤتَمّين به ومؤمنّين على دعائه.. ثم استمع ما يفعل في تلك الصلاة بتلك الجماعة. فها هو يدعو لحاجةٍ شديدةٍ عظيمةٍ عامةٍ بحيث يشترك معه في دعائه الارضُ، بل السماء، بل كل الموجودات، فيقولون بألسنة الاحوال: نعم يا ربَّنا تقبل دعاءه، فنحن ايضاً نطلبه، بل مع جميع ما تجلى علينا من اسمائك، نطلب حصول ما يطلب هو.. ثم انظر الى طوره في طرز تضرعاته كيف يتضرّع بافتقارٍ عظيم ٍفي اشتياق شديد وبحزن عميق في محبوبية حزينة! بحيث يهيّج بكاء الكائنات فيبكيها فيُشركُها في دعائه.. ثم انظر لأيّ مقصدٍ وغاية يتضرع؛ ها هو يدعو لمقصدٍ لولا حصول ذاك المقصد لسقط الانسانُ بل العالم بل كل المخلوقات الى اسفل سافلين لاقيمة لها ولا معنى. وبمطلوبه تترقى الموجوداتُ الى مقامات كمالاتها.. ثم انظر كيف يتضرع باستمدادٍ مديد، في غياث شديد، في استرحام بتودد حزين، بحيث يُسمع العرشَ والسموات، ويهيّج وجدَها، حتى كأن يقول العرش والسموات: آمين اللهم آمين.. ثم انظر ممّن يطلب مسؤولَه؟ نعم، يطلب من القدير السميع الكريم ومن العليم البصير الرحيم، الذي يسمع اخفى دعاءٍ من اخفى حيوانٍ في اخفى حاجة، إذ يجيبه بقضاء حاجته بالمشاهدة، وكذا يبصر ادنى املٍ في ادنى ذي حياة في ادنى غاية؛ إذ يوصله اليها من حيث لايحتسب بالمشاهدة، ويُكرم ويَرحم بصورة حكيمة، وبطرز منتظم؛ لايبقى ريب في ان هذه التربية والتدبير من سميع عليم ومن بصير حكيم.
الرشحة الثانية عشرة:
فياللعجب! .. مايطلب هذا الذي قام على الارض وجمَعَ خلفَه جميع الانبياء، افاضل بني آدم، ورفع يديه متوجهاً الى العرش الاعظم ويدعو دعاءً يُؤمِّن عليه الثقلان، ويُعلَم من شؤونه انه شرف نوع الانسان، وفريد الكون والزمان، وفخر هذه الكائنات في كل آن؛ ويستشفع بجميع الاسماء القدسية الالهية المتجلية في مرايا

لايوجد صوت