ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | رشحات | 54
(27-56)

القطرة الخامسة
اعلم! ان من لمعات اعجاز القرآن كما ذكرت في (حبة) انه جمع السلاسة الرائقة والسلامة الفائقة والتساند المتين والتناسب الرصين والتعاون بين الجمل وهيئاتها والتجاوب بين الآيات ومقاصدها بشهادة علم البيان وعلم المعاني، مع انه نزل في عشرين سنة نجما نجما لمواقع الحاجات، نزولاً متفرقاً متقاطعاً مع كمال التلاؤم كأنه نزل دفعة، ولاسباب نزول مختلفة متباينة مع كمال التساند كأن السبب واحد، وجاء جواباً لاسئلة مكررة متفاوتة مع نهاية الامتزاج والاتحاد كأن السؤال واحد. وجاء بيانا لحادثات احكام متعددة متغايرة مع كمال الانتظام كأن الحادثة واحدة. ونزل متضمنا لتنزلات الهية في اساليب تناسب افهام المخاطبين ، لاسيما فهم المنزل بحالات في التلقى متنوعة متخالفة مع حسن التماثل والسلاسة كأن الحالة واحدة. وجاء متكلما متوجها الى اصناف مخاطبين متعددة متباعدة مع سهولة البيان وجزالة النظام ووضوح الافهام كأن المخاطب واحد بحيث يظن كل صنف انه المخاطب بالاصالة. ونزل مهديا وموصلا لغايات ارشادية متدرجة متفاوتة مع كمال الاستقامة والموازنة والنظام كأن المقصد واحد؛ فمن كانت له عين سليمة في بصيرته، فلا ريب انه يرى في القرآن عيناً ترى كل الكائنات ظاهراً وباطناً كصحيفة مبصرة واضحة يقلّبها كيف يشآء، فيعرِّف معانيها على ما يشاء..
القطرة السادسة
في بيان انه لا يقاس القرآن على سائر الكلام، كما ذكرت في رسالة (قطرة) .
اعلم! ان منابع علو طبقة الكلام وقوته وحسنه وجماله اربعة: المتكلم، والمخاطب، والمقصد، والمقام، لا المقام فقط.. كما ضل فيه الادباء. فانظر الى من قال؟ ولمن قال ؟ ولما قال؟ وفيما قال؟ فالكلام

لايوجد صوت