المختلفة في الجسامة، والقرب من الشمس والبعد منها، بالجاذب العمومي حول الشمس في الفضاء الخالي. فان خرج احدها من مداره بالتصادف بحادثة سماوية كمرور النجم ذي الذنب به لحصل هرج ومرج في المنظومة الشمسية، وفي الدنيا بدرجة تتدهش منه السموات والارض). فانظر الى نفسك ما افادتك هذه المسألة ؟.. فيا سبحان الله!.. كيف تقلب الضلالة شكل الحقيقة، وما «الشمس مع سياراتها، الا مصنوعةٌ موظفةٌ ومخلوقةٌ مسخرةٌ بامر فاطرها الحكيم وبقوة خالقها القدير. وما هي مع عظمتها الا قطرة متلمعة في وجه بحر السماء يتجلى شعاع من اسم (النور) عليها» .
والفلاسفة لو ادرجوا في مسائلهم قبساً من القرآن فقالوا: يفعل الله بهذه الاجرام المدهشة الجامدة وظائف في غاية الانتظام والحكمة، وهي في غاية الاطاعة لامره لكان لِعِلْمِهِمْ معنىً، والاّ بان اسندوا الى انفسها والى الاسباب صاروا كما قال القرآن ﴿وَمَنْ يُشْرك بالله فكاَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطيرُ اَوْ تَهْوي بِهِ الرّيحُ في مكانٍ سَحِيقٍ﴾ (الحج:31) وقس على هذه المسألة سائر المسائل. .
النكتة الثالثة:
اعلم! ان مقاصد القرآن الاساسية وعناصره الاصلية اربعة: التوحيد، والرسالة، والحشر، والعدالة مع العبودية. فيصير سائر المسائل وسائل هذه المطالب. ومن القواعد: عدم التعمق في تفصيل الوسائل، لئلا ينتشر البحث بالاشتغال بما لا يعني فيفوت المقصد. فلهذا قد ابهم وقد اهمل وقد اجمل القرآن في بعض المسائل الكونية. وكذا ان الاكثر المطلق من مخاطب القرآن عوام وهم لا يقتدرون على فهم الحقائق الغامضة الالهية بدون توسيط التمثيل والتقريب بالاجمال، ولا يستعدون في كل وقت لمعرفة مسائل لم يوصل اليها بعدُ القرون الطويلة الا قليل من الفلاسفة. فلهذا اكثر القرآن من التمثيل، ومن التمثيل بعض المتشابهات فانها تمثيلات لحقائق غامضة