قيل لك: ان في التعبير بالسراج تصويرُ العالم بصورة قصر؛ وتصويرُ الاشياء الموجودة فيه في صورة لوازمات ذلك القصر ومزيناته ومطعوماته لسكان القصر ومسافريه، واحساسٌ انه قد احضرتْها لضيوفه وخدامه يدُ كريم رحيم. وما الشمس، الا مأمور مسخر وسراج منور. ففي تعبير السراج؛ اخطار رحمة الخالق في عظمة ربوبيته، وافهام احسانه في وسعة رحمته.. واحساس كرمه في حشمة سلطنته.. واعلان وحدانيته باراءة اعظم مايتوهمه المشرك معبوداً؛ انه ما هو الا سراج مسخر. اذ اين السراج المسخر الجامد واين لياقة العبادة؟
وفي تعبير الجريان اخطار التصرفات المنتظمة العجيبة في ما بين اختلاف الليل والنهار ودوران الصيف والشتاء. . وفي اخطارها افهام عظمة قدرة الصانع في انفراده في ربوبيته.
فمن نقطتي الشمس والقمر يوجه الذهن الى صحائف الليل والنهار، والصيف والشتاء، ومنها الى سطور الحادثات المكتوبة في اجوافها. فتعبير الجريان عنوان لهذه المعاني، فيكفي ظاهر العنوان ولا تعلق للمقصد بحقيقته.
فانظر الى كلمات القرآن مع كونها سهلةً بسيطةً معروفةً؛ كيف صارت ابواباً ومفاتيح لخزائن لطائف المعاني. ثم انظر الى مطنطنات كلمات الحكمة الفلسفية كيف انها مع شعشعتها لا تفيدك كمالا علميا ولا ذوقاً روحيا، ولا غاية انسانية ولا فائدة دينية. بل انما تفيدك حيرة مدهشة ودهشة موحشة. وتسقطك من سماء التوحيد المضئ في اودية الكثرة المظلمة. فاستمع بعض ما يقول الفلسفي في الشمس يقول:
(هي كتلة عظيمة من المائع النارى اعظم من ارضنا بمليون وثلاثمائة الف مرة، تدور على نفسها في مستقرها، تطايرت منها شرارات وهي ارضنا وسيارات اخرى. فتدور هذه الاجرام العظيمة