ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | رشحات | 52
(27-56)

إلهية. واجمل فيما كشفه الزمانُ بعد عصور وبعد حصول مقدمات مرتبة..
النكتة الرابعة:
اعلم! انه كما ان الساعة غير ثابتة بل متزلزلة مضطربة الآلات، كذلك الدنيا التي هي ساعة كبرى ايضا متزلزلة. فبادراج الزمان فيها صار (الليل والنهار) كميلين يعدان ثوانيها، و (السنة) ابرة تعد دقائقها، و (العصر) كابرة تعد ساعاتها. وبادراج المكان فيها صار (الجو) بسرعة تغيره وتحوله وتزلزله كميل الثواني، و (الارض) بتبدل وجهها نباتاً وحيواناً، موتاً وحياة كميل الدقائق، وبتزلزل بطنها وتولد (جبالها) كميل الساعات، و(السماء) بتغيراتها بحركات اجرامها وظهور ذوي الاذناب والكسوفات والشهابات كالميل الذي يعد الايام.
فالدنيا المبنية على هذه الاركان السبعة - مع انها واصفة لشؤونات الاسماء ولكتابة قلم القدرة والقدر - فانية هالكة متزلزلة راحلة كالماء السيال في الحقيقة، لكن تجمدت صورة بالغفلة وتكدرت بالطبيعة فصارت حجاباً عن الآخرة. فالفلسفة السقيمة والمدنية السفيهة تزيدان جمودتها وكدورتها بالتدقيقات الفلسفية والمباحث الطبيعيّة. واما القرآن فينفش الدنيا كالعهن بآياته، ويشففها ببيناته، ويذيبها بنيراته، ويمزق ابديتها الموهومة بنعياته، ويفرق الغفلة المولدة للطبيعة برعداته. فحقيقة الدنيا المتزلزلة تقرأ بلسان حالها المذكورة آية: ﴿وَاِذا قُرِىءَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَاَنْصِتُوا لَعَلكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الاعراف:204).
فلهذا اجمل القرآن فيما فصلت فيه الفلسفة من ماهيات الاشياء وخواصها.. وفصل فيما اجملت او اهملت فيه من وظائفها في امتثال الاوامر التكوينيةِ، ودلالاتها على اسماء فاطرها وافعاله وشؤونه.

لايوجد صوت