ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 111
(80-146)

ايتها الحجيرة الكبرى المعبرة بأنا، المركبة من تلك الحجيرات! فقل(3) يا الهي، ياربي، ياخالقي، يامصوري، يامالكي، ياسيدي، يامولاي لك الملك ولك الحمد: انا مسافر في وديعتك وامانتك ومملوكك الذي هو هذا الجسم بمشتملاته.
فيا انا لِمَ تتملك ما لايصير لك ملكاً؟ فتفرَّغْ من هذه الدعوى الباطلة، اذ توهم التملك يوقعك في ألم أليم. فانظر الى الشفقة التي هي من مزينات الروح ومراوحه(1)، لو بُنيتْ على توهمك هذا لانقلبت نكالاً مزعجاً للروح.
مثلاً: اذا رأيت يتيماً واحداً ضعيفاً فقيراً له بيت صغير ومُلك قليل يتهاجم عليه الوفٌ من القاسية القلوب، كيف تتألم بألمه؟! ولو تزايد مثل هذه الواقعة الى مالاحد له تتزايد الآلام المنعكسة اليك بنسبته. واما اذا رأيت أحدَ نفرِ العسكر للسلطان، قد احترق مسكنهُ او غُصِبَ مَركَبه - بغير قصورك وبأذن السلطان - لاتتوجع على النفر؛ اذ المالُ للسلطان الذي لايتأثر بمثل هذا النقصان، ولايتأثر العساكر بضياعه تأثراً عميقاً؛ اذ ليس هو ملكه وهو فقير بل ملكُ غني خُرّب مالهُ بواسطة اخرى، بل تترحم بحساب السلطان وبنظر رحمة السلطان. فالشفقة على خلق الله من حيث هو خلق الله، كلما تزايدت تنبسط الروحُ. والشفقة الناشئة من الغفلة والمبنية على توهم المالكية بتزايدها ينقبض الروح ويتألم القلب بظلمة الغموم.
كذلك: ان النظر الايماني والتوحيدي يرى كلَّ ذي حياة يتصرف في وجوده، كالامير المستأجَر على السفينة للسلطان الذي يتصرف في ملكه كيف يشآء. فهذا النظر لايرى النملة ولا النحلة الصغيرة الفقيرة تصارع الاسباب الظالمة المهاجمة، بل يرى النملة والنحلة تتصرفان في سفينة برية وطيارة هوائية، زمامهما وناصيتهما تصل بيد قدرة قدير، تتصاغر الاسبابُ الهاجمة في نظر راكبهما. انما النملة

------------------------

(3) فقل يا انا.
(1) مروّح: مطـّيب.

لايوجد صوت