ايتها النفس!
لستِ مالكةً لك وإلاَّ لابد ان تكوني صانعةً وموجِدة لهذا البدن، او صنعَته الاسبابُ فاغتصبته منها.
كيف تكونين صانعةً وانت اخت الغنم؟
فالغنم كيف يدعي انه صانع جسمه؛ والغنم اخو الرمان؟
وكيف تكون صبغةُ الرمان صانعة حبّاته؟
وكيف تكون الثمرةُ المتوضّعة على رأس الشجرة خالقةً وصانعة لشجرتها؟
فان صحّت هذه، صحّت لكِ المالكية.
واما على الشق الثاني:
فالمصنوع ينادي بأعلى صوته بأنى صنعةُ عليمٍ حكيم، سميع بصير، بنظام وميزان. مع ان الاسباب عميٌ صمٌ جامدة ميتة؛ كلما اجتمعت واختلطت - ففضلاً عن حصول صنعة بصير - يتزايد العميُ والأصمّية؛ اذ اختلاط العمي الصُم لايزيدهم الاّ عُمياً وأصمية، مع ان الاسباب بالنسبة الى ذلك البدن كنسبة زجاجات الأدوية في (اجزخانة)(1) بالنسبة الى معجونٍ ذي خاصية عجيبة يؤخذ من كلٍ مقدارٌ معين بلا زيادة ولانقصان بميزان مخصوص، ان زاد او نقص درهمٌ من مئات من الزجاجات، فاتَتْ خاصيةُ المعجون؛ فان امكن ان يخرج من كل زجاج مقدارٌ مخصوص بنفسه بلا حكيم مع تفاوت المقادير، ثم يتحصل ذلك المعجون بنفسه، امكن ان تدّعي: ان هذا البدن اختطفتهُ من ايدي الاسباب، فتملكتُه.
الحاصل: توهّم المالكية انما نشأ من حُمقكِ وبلاهتكِ.
-----------------
(1) الصيدلية.