ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 138
(80-146)

روحاً بل بدنٌ له. وما حياتهُ الاّ مِن نية المتكلم وحسّه. وما روحه الاّ معنىً منفوخٌ من طرف المتكلم. فالكلام إن كان أمراً أو نهياً فقد يتضمن الارادة والقدرة بحسب درجة المتكلم، فتتضاعف علوية الكلام وقوته.
نعم؛ اين صورة امر فضولي ناشئ من اماني التمني وهو غير مسموع، واين الامر الحقيقي النافذ المتضمن للارادة والقدرة؟ فانظر اين ﴿يَا أرضُ ابْلَعي مَاءكِ ويَا سَماءُ أقلِعي﴾(هود:44) واين خطاب البشر للجمادات كهذيانات المُبَرسَمين(1): (اسكني ياارض وانشقي ياسماء وقومي ياايتها القيامة) .. وكذا اين أمر امير مُطاع لجيش عظيم مطيع بـ(آرش!...) (2) واهجموا على اعداء الله، فهجموا وغلبوا، ثم اين هذا الامر اذا صدر من حقير لايُبالى به وبأمره.. وكذا اين تصويرُ مالكٍ حقيقي، وآمرٍ مؤثر أمره، نافذ حكمه، وصانع وهو يصنع، ومُنعمٍ وهو يُحسن قد شرع يصوّر أفاعيله، يقول: فعلتُ كذا وكذا.. افعل هذا وذاك.. صيّرتُ لبيتكم الارضَ فرشاً والسماء سقفاً، ثم اين تصوير فضولي وبحثه عن افاعيل لاتماسَّ له بها.. وكذا اين أعيان النجومِ ثم اين تماثيلها الصغيرة السيالة - التي لا هي موجودة ولا معدومة - المرئية في الزُجيجات؟ نعم، اين ملائكة كلمات كلام خالق الشمس والقمر، ثم اين زنابير مزامير مزوّرات البشر؟.. وكذا اين الفاظ القرآن التي هي اصداف الهدى والحقائق الايمانية والاساسات المنبثة من عرش الرحمن مع تضمن اللفظ للخطاب الازلي وللعلم والقدرة والارادة، ثم اين الفاظ الانسان الهوائية الواهية الهَوسيَة؟(3).. وكذا اين شجرة تفرعت واورقت وازهرت واثمرت، ثم اين المعجون الذي اتخذه احد من بعض ثمراتها بتغيير صورة الثمرات وازالة العقدة الحياتية منها مع مزجها بمادة اخرى؟
---------------------

(1) المبرسم : الذي اصيب بالبرسام ، وهو التهاب في الحجاب الذي بين الكبد والقلب.
(2) ايعاز عسكري بمعنى : تقدم ، سر.
(3) الهوس: مصدر هاس: وهو طرف من الجنون وخفة العقل.

لايوجد صوت