فاذا تفهّمت هذا السر؛ فاعلم! ان اتفاق كلِّ اهل الضلالة والكفر على نفي مسألةٍ من المسائل الايمانية، فاتفاقهم لاتأثير فيه، بل كحُكم واحدٍ. مع انه حجةٌ قاصرة ينحصر على النافي فقط. واما اتفاقُ اهل الهدى على المسائل الايمانية فكلٌ يتأيد بكلٍ، كأن الكلَّ شواهد كلِّ واحدٍ..
اعلم! انه كما ان الاجزاء والاحجار في البناء المتساند، يستند كلُّ واحدٍ بقوة الكل، ويزول ضعفُ كل بتساند الكلِّ، كأن الكلَّ عَوَنَةُ كلِ واحدٍ ومساميره.. وايضاً كما ان الاغصان والاثمار في الشجرة تستند معرفةُ صفاتِ كل واحدٍ بالكلِ، فكلٌّ للكلِّ معرِّفٌ، كأن كلَّ واحدٍ لكلِ واحدٍ منفذٌ نظّار، ولمعرفته معيار.. كذلك ان تفاصيل لمعات الايمان والاسلام ومسائلهما يستند كلُّ جزئي بقوة الكل، فبازدياد التفاصيل والجزئيات يزداد وضوح فهم كل جزء وقوة معرفة كل جزئي، واذعان كل حكم، وايقان كل مسألة. ومع كل ذلك، فالنفسُ الشيطانة تعكس فتنتكس. فتزعم ضعفَ الجزء، سببَ ضعفَ الكل..
اعلم! ان كل جزء من كل الكون واحد قياسيّ لإمكانات سائر الاجزاء. وبالعكس، فاجزاء الكائنات مقاييس للامكانات بينها كلٌّ لكلٍ..
اعلم! ان اصغر جزءٍ؛ من اعظم كلٍ، يحتاج الى مايحتاج اليه كل الكل كمّاً، فالثمرةُ تحتاج الى كلِ ما يحتاج اليه كل الشجرة. فخالق الثمرة بل حجيرة من حجيراتها لابد ان يكون خالق الشجرة، بل خالق الارض، بل خالق شجرة الخلقة.
اعلم! ان المسألة التي طرفاها في غاية التباعد، كل طرف كنواة تسنبلت واشجرت وتفرعت، لابد ان لايتوضّع عليها الشكوك والاوهام؛ اذ التباس نواة بنواة ممكن مابقت النواةُ نواةً مستورة. واما اذا صارت شجرة واثمرت، ثم شككتَ في جنس النواة شهدت الثمراتُ عليها، ولو توهمتَها غيرها، كذّبتْكَ تلك الثمرات.