ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحباب | 204
(193-206)

اعلم! ان الحياة في كل ذي حياة لها غايات لاتعد ولاتحصى، يعود الى الحي واحدٌ والى المحيي بمقدار مالكيته الغير المتناهية؛ ولاحق للكبير أن يتكبر على الصغير في الخلقة، ولاعبثية في الواقع، وانما هي في نظر البشر النفسي الغرور الذي يزعم ويرى ان الاشياء كلها لاجل منافعه وهوساته. ويحسب ان لاغاية لها غير مايعود اليه.. نعم، هذه الضيافة المفروشة على ظهر الارض اكرامٌ للبشر بسرّ الخلافة وبشرط استحصال لياقة الكرامة.. لا لَهُ ولإستفادته فقط.
اعلم! انه اذا قال لك الموسوس: ما انت الاّ حيوان مما لايحد من الحيوانات، والنمل اخوك والنحلة اختك، فاين انت واين مَن يَطوي السّماء ﴿كَطيّ السِّجلِّ للكُتبِ﴾(الانبياء:104) ﴿والارضُ جَميعاً قَبضتُهُ يَومَ القيامَة والسّمواتُ مطويَّاتٌ بيمينه﴾(الزمر:67)؟
فقل له: ان عدم تناهي عجزي وفقري وذلي، مع علمي الاذعاني به يصيرُ مرآةً لعدم تناهي قدرته وغنائه وعزته. فهذا السر رقّاني من مرتبة اخواني الحيوانات. وان من لوازم كمال عظمته واحاطة قدرته ان يسمع ندائي ويرى حاجاتي ولايُشغله تدبير الارض والسموات عن تدبير شؤوني الحقيرة.
واما تباعد الانسان والممكن بدرجة عظمته عن الاشتغال بجزئيات الامور وخسائسها، فليس من عظمته.. بل انّما ينشأ من عجزه ونقصه وضعفه. أفلا تشاهد كل حَبابٍ بل كل رشاشةٍ من القطرات والذرات الزجاجية، تشتمل على تمثال الشمس، لو تكلّمت تلك لقالت كلٌ منها: الشمس لي وعندي وفيّ ومعي.. وما يزاحم تلك الذرات في المناسبة مع الشمس لاعيون السيارات ولاخدود البحور ولاعظمة الشمس، بل بدرجة علمنا بعدم تناهي فقرنا وحقارتنا تتزايد

لايوجد صوت