ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الحباب | 202
(193-206)

اعلم! ياقلبي ان مايُرى ملء الدنيا من آلام الأعدام، انما هي تجدّد الامثال، ففي الفراق مع وجود الايمان توجد لذة التجدد دون ألم الزوال. فآمِن تُؤمَن، وأسْلِم تسلَم.
اعلم! ان العصبية العنصرية الجاهلية، ماهي الاّ الغفلة المتساندة المتصالبة، والاّ الضلالة والرياء والظلم المتجاوبة المتعاونة.. فيصير الخلقُ وملّتهُ كمعبودِه العياذ بالله.. واما الحمية الاسلامية فهي النور المهتز المنعكس من ضياء الايمان..
اعلم! يامن يشتغل بالمناظرة مع الملحدين والمتشككين والمقلدين للزنادقة الأوروبائيين! انك على خطر عظيم إن كانت نفسُك غير مزكاة، لاجل إلتحاق نفسك سراً وتدريجاً من حيث لاتشعر بخصمائك.. على ان المناظرة بالانصاف المسمى بالتركي (بي طرفانه محاكمه)(1) اشد خطراً على ذي النفس الامارة؛ اذ بكثرة تكرار فرض المنصف نفسَه في موقع الخصم يقيمُ في ذهنه خصماً خيالياً فيتولد منه في دماغه (لُمةَ تنقيدٍ) تصيرُ وكيل خصمه داخلاً، فيتعشش الشيطان في تلك اللمة..
لكن لاتيأس ان كانت نيتُك خالصة. فاذا أحسَستَ بهذا الحال فاصرف عنان الجهاد الى عدوك الاكبر الداخلي، وعليك بكثرة التضرع والاستغفار..
اعلم! ان الآلات الجامدة والحيوانات وجهلة العَملة المستخدمة في بناء قصر عجيب لسلطان عظيم، وترسيم نقوشه، يعلم كلُّ مَن رآها انها (لا تعمل بحساب انفسها بل بحساب من يستخدمها) في مقاصده العالية الواسعة واغراضه الرقيقة التي تتقاصر عن ادراكها افكارُ خواص العلماء، فكيف بجَهلَة العوام وبهيمة الانعام وجامدات الاقلام.. كذلك من امعن في جلوات الازاهير وتودداتها وتحبباتها الى انظار ذوي الحياة تيقَّن: ان الازاهير موظفون - من جانب حكيمٍ كريمٍ

----------------

(1) اي المناظرة الموضوعية الحيادية والمنصفة.

لايوجد صوت